استعمل زياد بن لبيد على حضرموت وقال له سر مع هؤلاء القوم يعنى وفد كندة فقد استعملك عليهم فسار زياد معهم عاملا لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) على حضرموت على صدقاتها الثمار والخف والماشية والكراع والعشور وكتب له كتابا فكان لا يعدوه إلى غيره ولا يقبض دونه فلما قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) واستخلف أبو بكر كتب إلى زياد يقره على عمله ويأمره أن يبايع من قبله ومن أبى وطئه بالسيف ويستعين بمن أقبل على من أدبر (1) وبعث بكتابه إليه مع أبي هند البياضي فلما أصبح زياد غدا بنعي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الناس وأخذهم بالبيعة لأبي بكر وبالصدقة فامتنع قوم من أن يعطوا الصدقة وقال الأشعث بن قيس إذا اجتمع الناس فما أنا إلا كأحدهم ونكص عن التقدم إلى البيعة فقال له امرؤ القيس بن عابس الكندي أنشدك الله يا أبا أشعث ووفادتك على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإسلامك أن تنقضه اليوم والله ليقومن بهذا الأمر من بعده من يقتل من خالفه فإياك إياك وابق على بنفسك فإنك إن تقدمت تقدم الناس معك وإن تأخرت افترقوا فأبى الأشعث وقال قد رجعت العرب إلى ما كانت الآباء تعبد ونحن أقصى العرب دارا من أبي بكر أيبعث أبو بكر إلينا الجيوش فقال امرؤ القيس أي والله وأخرى لا يدعك عامل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ترجع إلى الكفر فقال الأشعث من قال زياد بن لبيد فيتضاحك الأشعث وقال أما يرضى زياد أن أجيره فقال امرؤ القيس سترى ثم قام الأشعث فخرج من المسجد إلى منزله وقد أظهر ما أظهر من الكلام القبيح من غير أن ينطق بالردة ووقف يتربص وقال نقف أموالنا بأيدينا ولا ندفعها ونكون من آخر الناس قال وبايع زياد لأبي بكر بعد الظهر إلى أن قامت صلاة العصر فصلى بالناس العصر ثم انصرف إلى بيته ثم غدا على الصدقة من الغد كما كان يفعل قبل ذلك وهو أقوى ما كان نفسا وأشده لسانا فمنعه حارثة بن سراقة بن معدي كرب العبدي أن يصدق غلاما منهم وقام يحل عقال البكرة التي أخذت في الصدقة وجعل يقول * يمنعها شيخ بخديه الشيب * ملمع كما يلمع الثوب ماض على الريب إذا كان الريب
(١٢٨)