لبكائي وصاح (1) الناس معي بالبكاء حرقة لي فإذا أنا بشيخ كبير (2) كالفاني متوكئا على عكازة له قالت فقال لي مالي لا أراك (3) تبكين وتصيحين (4) قالت فقلت فقدت ابني محمدا قال لا تبكي أنا أدلك على من يعلم علمه وإن شاء أن يرده عليك فعل قالت (5) قلت دلني عليه قال الصنم الأعظم قالت ثكلتك أمك كأنك لم تر ما نزل باللات والعزى في الليلة التي ولد فيها محمدا (صلى الله عليه وسلم) قال إنك لتهذين (6) ولا تدرين ما تقولين أنا أدخل عليه فأسأله أن يرده عليه قالت حليمة فدخل وأنا أنظر فطاف بهبل أسبوعا وقبل رأسه ونادى يا سيدي لم تزل منعما على قريش وهذه السعدية تزعم أن محمدا قد ضل قال فانكب هبل على وجهه فتساقطت الأصنام بعضها على بعض ونطقت أو نطق منها فقالت إليك عنا أيها الشيخ إنما هلاكنا على يدي محمدا قالت فأقبل الشيخ لأسنانه اصتكاك (7) ولركبتيه ارتعادا وقد ألقى عكازته من بين (8) يديه وهو يبكي ويقول يا حليمة لا تبكي فإن لابنك ربا (9) لا يضيعه فاطلبيه على مهل فقالت فخفت أن يبلغ الخبر عبد المطلب قبلي (10) فقصدت قصده فلما نظر إلي قال أسعد نزل بك أم نحوس قالت قلت بل نحس الأكبر ففهمها مني وقال لعل ابنك قد ضل منك قالت قلت نعم بعض قريش اغتاله فقتله فسأل عبد المطلب سيفه وغضب وكان إذا غضب لم يلتفت (11) له أحد من شدة غضبه فنادى بأعلا صوته يا سبيل (12) وكانت دعوتهم في الجاهلية فأجابته قريش بأجمعهم فقالت ما قصتك يا أبا الحارث فقال فقد ابني محمد فقالت
(٤٧٧)