شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٨٠٠
الشرب منه لكل من مر به من غنى أو فقير لوجود الاذن دلالة.
وإذا غرس شجرة في موضع لا ملك فيه لأحد وأباح للناس الإصابة من ثمارها فإنه يجوز لكل من مر بها أن يأخذ من ثمارها فيتناوله. وكل ذلك مأخوذ من الحديث الذي روينا.
1429 - ولو أن الأمير بعد انهزام المشركين نظر إلى قتلى منهم، عليهم أسلابهم، وهو لا يدرى من قتلهم، فقال: من أخذ سلب قتيل فهو له. فأخذها قوم، فذلك لهم نفل (1).
لان المسلمين لم يأخذوها، فيكون هذا في معنى التنفيل قبل الإصابة.
والأصح أن تقول: هذا تنفيل بعد الإصابة. ولكن الامام أمضاه باجتهاده والمختلف فيه بامضاء الامام باجتهاده يصير كالمتفق عليه، حتى إذا مات أو عزل وولى غيره لم يسترد من الآخرين شيئا من ذلك.
1430 - وإن لم يأخذوا حتى عزل الأول وجاء أمير آخر ثم أخذوا ذلك قبل أن يعلموا بعزله أو بعد ذلك فإن الثاني يأخذ كله منهم فيرده في الغنيمة.
لان التنفيل الأول قد بطل بعزله قبل حصول المقصود. فالمقصود هو الاخذ، فإذا بطل تنفيله قبل حصول هذا المقصود صار كأن لم يكن.
وقد تقدم نظيره فيما إذا نفل قبل الاحراز ثم مات أو عزل قبل الإصابة واستعمل غيره، فإنه يبطل حكم ذلك التنفيل. ففي التنفيل بعد الإصابة هذا أولى. وهو بمنزلة قضاء لم ينفذه قاض حتى عزل واستقضى غيره ممن يرى خلاف ذلك.

(1) ه‍ " قيل ".
(٨٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 795 796 797 798 799 800 801 802 803 804 805 ... » »»