شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٤
والمراد في استعمال لفظ الأنفال في عبارة الفقهاء ما يخص به الامام بعض الغانمين. فذلك الفعل يسمى منه تنفيلا، وذلك المحل (1) يسمى نفلا.
964 ولا خلاف أن التنفيل جائز قبل الإصابة، للتحريض على القتال. فإن الامام مأمور بالتحريض. قال الله تعالى (يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال) (2) فهذا الخطاب لرسول الله ولكل من قام مقامه. والتحريض بالتنفيل. فإن الشجعان قل ما يخاطرون بأنفسهم إذا لم يخصوا بشئ من المصاب. فإذا خصهم الامام بذلك فذلك يغريهم على المخاطرة بأرواحهم وإيقاع أنفسهم في حلبة العدو (3).
وصورة هذا التنفيل أن يقول: من قتل قتيلا فله سلبه، ومن أخذ أسيرا فهو له. كما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم المنادى حين نادى يوم بدر ويوم حنين.
أو يبعث سرية فيقول: لكم الثلث مما تصيبون بعد الخمس.
أو يطلق بهذه الكلمة. فعند الاطلاق لهم ثلث المصاب قبل أن يخمس يختصمون به، وهم شركاء الجيش فيما بقى بعد ما يرفع منه الخمس. وعند التنفيل بهذه الزيادة يخمس ما أصابوا، ثم يكون لهم الثلث مما بقى يختصون به، وهم شركاء الجيش فيما بقى. ولا يستحق القاتل بدون تنفيل الامام عندنا.

(1) ه‍ " المال ".
(2) سورة الأنفال، 8، الآية 65.
(3) الحلبة بالفتح والتسكين خيل تجمع للسباق من كل أوب (الصحاح).
(٥٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 589 590 591 592 593 594 595 596 597 598 599 ... » »»