شرح السير الكبير - السرخسي - ج ٢ - الصفحة ٥٩٠
فأقبل سعد عليهم وقال: عليكم عهد الله وميثاقه أن الحكم فيكم ما حكمت. قالوا: نعم. ثم قال للناحية التي فيها رسول الله عليه السلام، وهو معرض إجلالا لرسول الله،: وعلى من هنا بمثل ذلك. فقال رسول الله ومن معه: نعم. قال سعد: فإني حكمت فيهم بأن تقتل الرجال، وتسبى النساء والذرية، وتقسم الأموال.
فقال عليه السلام: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة، أي سبع سماوات. وهكذا روى في بعض الروايات.
ففي هذا دليل أنهم إذا نزلوا على حكم رجل فجعل الحكم إلى غيره برضاهم انه يجوز، وليس له أن يجعل إلى غيره بغير رضاهم، لان سعدا أخذ عليهم العهد بين يدي رسول الله عليه السلام ليسترضيهم بذلك، ولم ينكر ذلك عليه رسول الله عليه السلام. وهذا لان الناس يتفاوتون في الرأي، وهذا الحكم مما يحتاج فيه إلى الرأي. فرضاهم بحكم شخص لا يكون رضا بحكم شخص آخر، حتى إذا جعله إلى غيره بغير رضاهم فحكم بشئ لم ينفذ حكمه، إلا أن يجيزه المحكم (1) الأول بعد ما يعلم به، فحينئذ ينفذ. لان اجازته بمنزلة انشائه. ولأنه إنما تم الحكم برأيه وقد رضوا بذلك. ثم إن حكم المحكم فيهم بأن يقتل المقاتلة أو بأن يجعلوا ذمة أو بأن يجعلوا فيئا فذلك كله نافذ، استدلالا بما حكم به سعد.
وذكر في بعض الروايات أن سعدا حكم يومئذ بأن يقتل من جرت عليه الموسى. وبه يستدل من يقول بأن البلوغ باعتبار نبات العانة. ولسنا نقول بهذا.

(1) ق " الحكم " وفى هامشها " المحكم. نسخة م ".
(٥٩٠)
مفاتيح البحث: القتل (3)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 585 586 587 588 589 590 591 592 593 594 595 ... » »»