كانوا في منعتهم. فيكون لهم أيضا أن يمتنعوا من إعطاء الأمان لهم بطريق الأولى.
فأما غير الممتنعين لو كانوا مستأمنين لم يجز نبذ الأمان بيننا وبينهم حتى نلحقهم بمأمنهم.
فكذلك إذا جاءوا طالبين الأمان حتى صاروا غير ممتنعين منا، إلا أن يكون أمير المسلمين تقدم على أهل تلك الدار من أهل الحرب انه لا أمان لكم عندنا، فلا يخرجن أحد منكم إلينا. فإذا علموا بذلك فلا أمان لهم. ومن جاء يطلب الأمان فهو فئ، لأنه أعذر إليهم بما صنع. وقد قال الله تعالى {وقد قدمت إليكم بالوعيد} (1).
ثم الحاصل (76 ب) أنه من فارق المنعة عند الاستئمان فإنه يكون آمنا عادة، والعادة تجعل حكما إذا لم يوجد التصريح بخلافه، فأما عند وجود التصريح بخلافه يسقط اعتباره، كمقدم المائدة بين يدي إنسان إذا قال:
لا تأكل.
398 - ولو وجد المسلمون حربيا في دار الاسلام فقال: دخلت بأمان، لم يصدق.
لأنه صار مأخوذا مقهورا بمنعه الدار، فهو متهم فيما يدعى من الأمان، وقول المتهم لا يكون حجة. أرأيت لو أخذه واحد من المسلمين واسترقه ثم قال: كنت دخلت بأمان أكان مصدقا في ذلك؟
399 - ولو قال رجل من المسلمين أنا أمنته لم يصدق بذلك أيضا.
لأنه أخبر بما لا يملك إنشاءه، وقد ثبت حق جماعة المسلمين في منعه