يسمع المسلمون، وألقى السلاح، فالظاهر أنه جاء طالبا للأمان، فهو آمن أمنوا أو لم يؤمنوا، لان الشرع أمن مثله. قال تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك فأجره} (1) وقال تعالى: {وإن جنحوا للسلم فاجنح لها} (2).
391 - وكذلك لو كان معه السلاح إلا أنه ليس عليه هيئة رجل يريد القتال.
لأنه ربما استصحب السلاح ليبيعه في عسكر المسلمين، أو خاف ضياعه إن خلفه عندهم، فاستصحبه ضنة (3) منه لسلاحه.
392 - وإن كان أقبل سالا سيفه مادا رمحه نحو المسلمين، فلما كان في موضع لا يكون ممتنعا منهم نادى الأمان، فهو فئ.
لان الظاهر من حاله أنه أقبل مقاتلا.
والحاصل أن البناء على الظاهر فيما يتعذر الوقوف على حقيقته جائز.
وغالب الرأي يجوز تحكيمه فما لا يمكن معرفة حقيقته، وإن كان يرجع إلى إباحة الدم. ألا ترى أنه لو رأى إنسانا يدخل بيته ليلا ولا يدرى أنه سارق أو هارب من اللصوص فإنه بحكم حاله: فان كان عليه سيما اللصوص أو كان معه آخر يجمع متاعه فلا بأس بأن يقتلهما قبل أن يدنوا منه، وإن كان عليه سيما أهل الخير فعليه أن يؤويه ولا يسعه أن يرمى إليه.
والدليل على جواز تحكيم السيماء (4) قوله تعالى {يعرف المجرمون بسيماهم} (5) والدليل على جراز الرجوع أي؟؟ دلالة الحال قوله تعالى: {ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة} (6).