شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٨٤
373 - وإن نادوهم بلسان لا يعرفه أهل الحرب، وذلك معروف للمسلمين، فهم آمنون أيضا.
لان معرفتهم لذلك حقيقة أمر باطن لا يمكن تعليق الحكم به، فتعلق الحكم بالسبب الظاهر الدال عليه وهو إسماعهم كلمة الأمان. وهذا أصل كبير في الفقه. ولهذا شرطنا الاسماع حتى إذا كانوا بالبعد منهم على وجه يعلم أنهم لم يسمعوا فإنه لا يكون ذلك أمانا، لان هذا ظاهر يمكن الوقوف عليه، فيمكن تعليق الحكم بحقيقته. ثم لعله كان فيهم ترجمان يعرف معنى نداء المسلمين فيوقفهم على ذلك. فلو لم يثبت الأمان به كان نوع غدر من المسلمين. والتحرز عن صورة الغدر واجب. يوضح الفرق أنهم إذا لم يفهموا فإنما كان ذلك بمعنى من المسلمين حيث نادوهم بلغة لا يعرفونها، فلا ببطل به حكم الأمان في حقهم.
374 - فأما إذا كانوا بالبعد من المسلمين بحيث لا يسمعون كلامهم.
فإنهم لم يقفوا على مقالة المسلمين لمعنى من جهتهم وهو أنهم لم يقربوا من المسلمين فلهذا.
لا يثبت حكم الأمان لهم.
375 - قال: وإذا قال المسلمون للحربي أنت آمن، أو لا تخف أو لا بأس عليك، أو كلمة تشبه هذا فهو كله أمان.
لأنه إنما يخاطب الخائف بمثل هذه العبارات لإزالة الخوف عادة. وإنما يزول عنه الخوف بثبوت الأمان. وكل مسلم يملك إنشاء الأمان له فيجعل بهذا اللفظ منشئا، كمن يقول لعبده: أعتقك، أو أنت حر، يجعل منشئا عتقه بما وصفه.
(٢٨٤)
مفاتيح البحث: الخوف (3)، الحرب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»