شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٣٠
40 [باب الشهيد وما يصنع به] 291 - قال محمد رحمه الله: الشهيد إذا قتل في المعركة لم يغسل، ويصلى عليه في قوله أهل العراق وأهل الشام. وبه نأخذ وفى قول أهل المدينة لا يصلى عليه. وممن قال ذلك مالك ابن أنس.
واعلم أن محمدا رحمه الله سلك في هذا الكتاب للترجيح طريقا سوى ما ذكره في سائر الكتب (61 آ)، وهو أنه نظر فيما اختلف فيه أهل العراق وأهل الشام وأهل الحجاز، فرجح ما اتفق عليه فريقان (1) وأخذ به دون ما تفرد به فريق واحد. وهذا خلاف ما هو المذهب الظاهر لأصحابنا في الترجيح أنه لا يكون بكثرة العدد. وعليه دل ظاهر قوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وقليل ما هم} (2). وقال تعالى: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (3). وقال تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} (4).
ووجه ما اعتبره هاهنا أن مثل هذا الاختلاف إنما يترتب على اشتباه الأثر (5) فيما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغازي، وكان ذلك أمرا ظاهرا. فتهمة الغلط فيما تفرد به فريق واحد يكون أظهر من تهمة الغلط فيما اجتمع عليه فريقان كما في هذه المسألة.

(1) ه‍ " الفريقان ".
(2) سورة ص، 38، الآية 24.
(3) سورة الأعراف، 7، الآية 187.
(4) سورة يوسف، 12، الآية 103.
(5) ط، ه‍ " الاشتباه في الآثار ".
(٢٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 ... » »»