شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ٢٢٦
285 - قال: وإذا ابتلى المسلم بالقتل صبرا فإنه يستحب له أن يصلى عند ذلك ركعتين ويستغفر بعدهما ذنوبه.
ليكون آخر عمله الصلاة والاستغفار. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من ختم كتابه بالطاعة غفر له ما سلف ". وقال: " الأمور بخواتيمها ".
وفى حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" من كان أول كلامه وآخر كلامه قول لا إله إلا الله غفر له ما بين ذلك ".
فلهذا استحبوا أن يلقن الصبى في أول ما يقدر على التكلم كلمة التوحيد، ويلقن ذلك عند موته أيضا ليكون أول كلامه وآخر كلامه هذا.
286 - ثم الأصل في الباب حديث خبيب (1)، فإنه لما أسر فبيع بمكة خرجوا به إلى الحل (2) ليقتلوه. فقال: دعوني أصلى ركعتين.
فقالوا: صل. فصلى ركعتين. ثم قال: لولا أن تظنوني جزعت من الموت لزدت. وفى رواية: أوجزهما وقال: لولا خشية أن يقولوا:
جزع من الموت لطولت صلاتي. ثم نظر في وجوه المشركين فلم ير إلا شامتا أو إنسانا في يده حجرا أو عصا. فقال: والله ما أرى إلا وجه عدو! اللهم ليس هاهنا أحد يبلغ رسولك عن السلام، فأقرئ رسولك وأصحابه منى السلام.

(1) في هامش ق " صلبوه بالتنعيم، وكان الذي تولى صلبه عقبة بن الحارث وأبو هبرة العبدري. فخبيب أول من صلب في الاسلام، وأول من سن صلاة ركعتين عند القتل. روى عنه الحارث بن البرصاء. وخبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء الموحدة الأولى وبعدها ياء ساكنة جامع الأصول ".
(2) موضع بمكة.
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»