شرح السير الكبير - السرخسي - ج ١ - الصفحة ١٠٤
وبه تقول إنه معذور (1) فيما أصيب به، مثاب على ما صنع. فإنه جاهد في قتل الكافر مبالغ في ذلك، مصاب حين رجع إليه السيف فعقره، وصبر على ذلك إلى أن مات، فهو جاهد صابر {إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} (2). فهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم إنه له الأجرين.
97 - قال: وإذا التقت السريتان ليلا من المسلمين وكل (3) واحدة ترى أن صاحبتها من المشركين فاقتتلوا فأجلوا عن قتلى ثم علموا فلا شئ عليهم من دية ولا كفارة.
لان كل واحدة (4) من السريتين باشرت دفعا مباحا، فقد قصدت كل سرية إلى الأخرى، وإنما (5) قتلها الأخرى دفعا عن أنفسهم، وذلك دفع مأمور به شرعا فلا يكون موجبا دية ولا كفارة.
98 - والأصل فيه ما روى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
خرجت طليعتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ليلا فالتقتا تحت الليل ولا يشعر بعضهم ببعض، ويظنون أنهم العدو. فكانت بينهم جراحات وقتلى. ثم تنادوا (6) بشعار الاسلام فكف بعضهم عن بعض. وذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جراحاتكم في سبيل الله. ومن قتل منكم فهو شهيد.

(1) ط " مغدور ".
(2) سورة الزمر، 39، الآية 10.
(3) ط " وكل واحد يرى أن صاحبه ".
(4) ه‍ " كل واحد ".
(5) ط " فإن ".
(6) ط " تبادر اشعار ".
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 ... » »»