عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب: اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شئ، ففرغه للمهم. وأن مالك لا يغني الناس كلهم، فخص به أهل الحق، وأن كرامتك لا تطيق العامة، فتوخ بها أهل الفضل. وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حاجتك وإن دأبت فيهما فأحسن قسمتهما بين عملك ودعتك من ذلك، فإن ما شغلك من رأيك في غير المهم إزراء بالمهم، وما صرفت من مالك في الباطل فقدته حين تريده للحق، وما عمدت من كرامتك إلى أهل النقص أضر بك في العجز عن أهل الفضل، وما شغلت من ليلك ونهارك في غير الحاجة أزري بك في الحاجة.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا الحسن بن محمد بن يحيى العلوي، حدثنا جدي يحيى بن الحسن بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب قال: وكان العباس بن الحسن في صحابة أمير المؤمنين هارون، وكان من رجال بني هاشم لسانا وبيانا وشعرا. وقال العباس بن الحسن يذكر إخاء أبي طالب لعبد الله أبى النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه وأمه من بين إخوته:
- إنا وإن رسول الله يجمعنا * أب وأم وجد غير موصوم - - جاءت بنا ربة من بين أسرته * غراء من نسل عمران بن مخزوم - - حزنا بها - دون من يسعى ليدركها * قرابة من حواها غير مسهوم - - رزقا من الله أعطانا فضيلته * والناس من بين مرزوق ومحروم - أخبرنا الجوهري، أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، حدثنا عبد الواحد بن محمد الخصيبي، حدثني محمد بن إسماعيل قال: دخل العباس بن الحسن العلوي العباسي على المأمون فتكلم فأحسن، فقال له المأمون: والله ما علمتك إلا تقول فتحسن، وتشهد فتزين، وتغيب فتؤمن.
أخبرني أبو محمد الخلال، حدثنا أحمد بن محمد بن عمران، حدثنا عثمان بن بكر، حدثنا عبد الله بن أبي سعد، حدثنا عبد الله بن مسلم قال: جاء العباس بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب إلى باب المأمون، فنظر إليه الحاجب ثم أطرق، فقال له: لو أذن لنا لدخلنا، ولو اعتذر إلينا لقبلنا، ولو صرفنا لانصرفنا، فإما اللفتة بعد النظرة لا أعرفها. ثم أنشد:
- وما عن رضا كان الحمار مطيتي * ولكن من يمشي سيرضى بما ركب -