قتيبة بن سعيد إلى الري سألوه أن يحدثهم فامتنع، وقال: أحدثكم بعد أن حضر مجالسي أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وعلي بن المديني، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيثمة؟! قالوا له: فإن عندنا غلاما يسرد كل ما حدثت به مجلسا مجلسا، قم يا أبا زرعة، فقام أبو زرعة فسرد كل ما حدث به قتيبة، فحدثهم قتيبة.
حدثنا محمد بن يوسف القطان النيسابوري - لفظا - أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه الحافظ قال: سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد الرازي يقول:
سمعت أبا عبد الله محمد بن مسلم بن وارة يقول: كنت عند إسحاق بن إبراهيم بنيسابور، فقال رجل من أهل العراق سمعت أحمد بن حنبل يقول: صح من الحديث سبعمائة ألف حديث وكسر، وهذا الفتى - يعني أبا زرعة - قد حفظ ستمائة ألف.
أخبرنا أبو سعد الماليني، حدثنا عبد الله بن عدي قال: سمعت الحسن بن عثمان التستري يقول: سمعت محمد بن مسلم بن وارة يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: كل حديث لا يعرفه أبو زرعة الرازي ليس له أصل.
حدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني - لفظا بأصبهان - وأبو طالب يحيى بن علي بن الطيب الدسكري - لفظا بحلوان - قال يحيى: حدثنا، وقال الآخر: أنبأنا - أبو بكر بن المقرئ، حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر القزويني - بمصر - قال: سمعت محمد بن إسحاق الصاغاني يقول - في حديث ذكره من حديث الكوفة فقال: هذا أفادنيه أبو زرعة عبيد الله بن عبد الكريم، فقال له بعض من حضر: يا أبا بكر أبو زرعة من أولئك الحفاظ الذين رأيتهم؟ وذكر جماعة من الحفاظ، منهم الفلاس. فقال: أبو زرعة أعلاهم، لأنه جمع الحفظ مع التقوى والورع، وهو يشبه بأبي عبد الله أحمد بن حنبل.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني، حدثنا أحمد بن محمد بن عمر، حدثنا أبو بكر بن بحر، حدثنا محمد بن الهيثم بن علي النسوي قال: لما أن قدم حمدون البرذعي على أبي زرعة لكتابة الحديث، دخل عليه فرأى في داره أواني وفرشا كثيرا، قال، وكان ذلك لأخيه فهم أن يرجع ولا يكتب عنه، فلما كان من الليل رأى كأنه على شط بركة، ورأى ظل شخص في الماء، فقال: أنت الذي زهدت في أبي زرعة؟! أعلمت أن أحمد بن حنبل كان من الأبدال، فلما أن مات أبدل الله مكانه أبا زرعة.