وقال ابن نعيم: أخبرني محمد بن أحمد بن عمر، حدثنا محمد بن المنذر، حدثني يعقوب بن إسحاق، حدثني محمد بن عيسى قال: كان عبد الله بن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس وكان ينزل الرقة في خان فكان شاب يختلف إليه ويقوم بحوائجه، ويسمع منه الحديث، قال: فقدم عبد الله: الرقة مرة فلم ير ذلك الشاب، وكان مستعجلا فخرج في النفير فلما قفل من غزوته، ورجع الرقة سأل عن الشاب قال: فقالوا إنه محبوس لدين ركبه، فقال عبد الله وكم مبلغ دينه؟ فقالوا: عشرة آلاف درهم، فلم يزل يستقصى حتى دل على صاحب المال، فدعا به ليلا ووزن له عشرة آلاف درهم، وحلفه أن لا يخبر أحدا ما دام عبد الله حيا، وقال إذا أصبحت فأخرج الرجل من الحبس، وأدلج عبد الله، فأخرج الفتى من الحبس، وقيل له عبد الله بن المبارك كان هاهنا، وكان يذكرك، وقد خرج. فخرج الفتى في أثره فلحقه على مرحلتين - أو ثلاث - من الرقة، فقال: يا فتى أين كنت، لم أرك في الخان؟ قال: نعم يا أبا عبد الرحمن، كنت محبوسا بدين قال: فكيف كان سبب خلاصك؟ قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أعلم له حتى أخرجت من الحبس، فقال له عبد الله: يا فتى احمد الله على ما وفق لك من قضاء دينك. فلم يخبر ذلك الرجل أحدا إلا بعد موت عبد الله.
أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين بن رامين الأستراباذي، حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن جعفر الجرجاني، حدثنا السراج وهو أبو العباس محمد بن إسحاق النيسابوري قال: سمعت إبراهيم بن بشار يقول: حدثني علي بن الفضيل قال: سمعت أبي وهو يقول لابن المبارك: أنت تأمرنا بالزهد، والتقلل، والبلغة، ونراك تأتي بالبضائع من بلاد خراسان إلى البلد الحرام، كيف ذا؟ فقال ابن المبارك: يا أبا علي إنما أفعل ذا لأصون به وجهي، وأكرم به عرضي، وأستعين به على طاعة ربي، لا أرى لله حقا إلا سارعت إليه حتى أقوم به. فقال له الفضيل: يا ابن المبارك ما أحسن ذا، إن تم ذا.
أخبرني أبو القاسم منصور بن عمر الكرخي قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن أحمد المقرئ. وأخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ، حدثني أبي قالا: حدثنا عثمان بن أحمد، حدثنا الفتح بن شخرف قال: حدثني عباس بن يزيد، حدثنا حبان بن موسى قال: عوتب ابن المبارك فيما يفرق المال في البلدان ولا يفعل في أهل بلده، قال: إني