والحاصل; أنه إذا ثبت ببركة نقل الكشي، كون صحة روايات هؤلاء، أمرا مشهورا بين الطائفة، يحصل الاطمئنان بها من اتفاق مشاهيرهم، لكونهم بعداء عن الاعتماد على القرائن الحدسية، بل كانوا يعتمدون على المحسوسات أو الحدسيات القريبة منها، لقلة الاجتهاد والنظر في تلك الاعصار.
أقول: لو صحت تلك المحاولة، لصحت في ما ادعاه الكليني في ديباجة كتابه، من صحة رواياته، ومثله الصدوق في مقدمة " الفقيه "، بل الشيخ حسب ما حكاه المحدث النوري بالنسبة إلى كتابيه " التهذيب والاستبصار "، والاعتماد على هذه التصحيحات، بحجة أن النظر والاجتهاد يوم ذاك كان قليلا، وكان الغالب عليها هو الاعتماد على الأمور الحسية مشكل جدا، وقد مر إجمال ذلك عند البحث عن أدلة نفاة الحاجة إلى علم الرجال فلاحظ، على أن إحراز القرائن الحسية بالنسبة إلى أحاديث هؤلاء مع كثرتها، بعيد غايته وسيوافيك بعض الكلام في ذلك عند تبيين مفاد العبارة.
وأما الاشكال الثاني فالإجابة عنه واضحة، لأنه يكفي في شمول الأدلة كون المخبر به مما يترتب على ثبوته أثر شرعي، ولا يجب أن يكون دائما نفس الحكم الشرعي، فلو ثبت بإخبار الكشي، اتفاق العصابة على وثاقتهم أو صحة أخبارهم، لكفى ذلك في شمول أدلة الحجية كما لا يخفى.
السابع: في مفاد " تصحيح ما يصح عنهم " وهذا هو البحث المهم الذي فصل الكلام فيه المتتبع النوري في خاتمة مستدركه، كما فصل في الأمور السابقة شكر الله مساعيه.
والخلاف مبني على أن المقصود من الموصول في " ما يصح " ما هو؟
فهل المراد، الرواية والحكاية بالمعنى المصدري، أو أن المراد المروي ونفس الحديث؟