كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ١٧٧
فالاشكال باق بحاله، لان العلم بالصحة ليس أمرا محسوسا حتى تعمه أدلة حجية خبر الواحد إذا أخبر عنها مخبر، وليست القرائن الموجبة للعلم بالصحة، كلها من قبيل عرض الكتاب على الإمام عليه السلام وتصديقه إياه، أو تكرر الحديث في الأصول المعتمدة، حتى يقال " إنها من قبيل الأمور الحسية، وأن المسبب أعني صحة روايات هؤلاء وإن كان حدسيا، لكن أسبابه حسية، ولا يلزم في حجية قول العادل كون المخبر به أمرا حسيا، بل يكفي كون مقدماته حسية "، وذلك لان القرائن المفيدة لصحة أخبار هؤلاء ليست حسية دائما، وإنما هي على قسمين: محسوس وغير محسوس، والغالب عليها هو الثاني وقد مر الكلام فيه، عند البحث عنم شهادة الكليني في ديباجة الكافي على صحة رواياته.
وقد حاول بعض الأجلة الإجابة عنه (ولو قلنا بأن المراد هو تصحيح روايات هؤلاء) بأن نقل الكشي، اتفاق العصابة على تصحيح مرويات هؤلاء بالقرائن الدالة على صدق مفهومها أو صدورها، وإن لم يكن كافيا في إثبات الاتفاق الحقيقي، لكنه كاشف عن اتفاق مجموعة كبيرة منهم على تصحيح مرويات هؤلاء، ومن البعيد أن يكون مصدره ادعاء واحد أو اثنان من علماء الطائفة، لان التساهل في دعوى الاجماع وإن كان شائعا بين المتأخرين، لكنه بين القدماء ممنوع جدا، هذا من جانب.
ومن جانب آخر، إن اتفاق جماعة على صحة روايات هؤلاء العدة، يورث الاطمئنان بها، والقرائن التي تدل على الصحة وإن كانت على قسمين:
حسي واستنباطي، لكن لما كان النظر والاجتهاد في تلك الأيام قليلة، وكان الأساس في المسائل الفقهية وما يتصل بها، هو الحس والمشهود، يمكن أن يقال باعتمادهم على القرائن العامة التي تورث الاطمئنان لكل من قامت عنده أيضا، ككونه من كتاب عرض على الامام، أو وجد في أصل معتبر، أو تكرر في الأصول، إلى غير ذلك من القرائن المشهورة.
(١٧٧)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 ... » »»
الفهرست