كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ١٧٦
العلماء دليلا على موافقة قولهم لقول الإمام عليه السلام حدسا لا حسا، مع أن الملازمة بين ذاك الاتفاق، وقول الإمام غير موجودة، وعلى ذلك فناقل الاجماع ينقل السبب (اتفاق الكل) والمسبب (قول الإمام) حدسا لا حسا، وهو خارج عن مورد أدلة الحجية.
والاشكال في ناحية السبب، مشترك بين المقام وسائر الاجماعات المنقولة، حيث إن المظنون أن أبا عمرو الكشي لم يتفحص في نقل إجماع العصابة على هؤلاء، وإنما وقف على آراء معدودة واكتفى، وهي لا تلازم اتفاق الكل.
وهناك إشكال آخر يختص بالمقام، وهو أن الاجماع المنقول لو قلنا بحجيته، إنما هو فيما إذا تعلق على الحكم الشرعي، لا على الموضوع، ومتعلق الاجماع في المقام موضوع من الموضوعات لا حكم من الاحكام، كما تفصح منه عبارة الكشي: " أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عن جماعة.. ".
والاجماع على موضوع ولو كان محصلا، ليست بحجة، فكيف إذا كان منقولا.
والجواب عن الاشكال الأول مبني على تعيين المفاد من عبارة الكشي في حق هؤلاء الثمانية عشر، فلو قلنا بأن المراد منها هو تصديق هؤلاء الاعلام في نفس النقل والحكاية الملازم لوثاقتهم كما هو المختار ويظهر من عبارة المناقب أيضا وغيرها كما ستوافيك فلا يحتاج في إثبات وثاقة هؤلاء إلى اتفاق الكل حتى يقال إنه أمر حدسي، بل يكفي توثيق شخص أو شخصين أو ثلاثة وقف عليه الكشي عن حس، وليس الاطلاع على هذا القدر أمرا عسيرا حتى يرمي الكشي فيه إلى الحدس، بل من المقطوع أنه وقف عليه وعلى أزيد منه.
نعم، لو كان المراد من عبارة الكشي هو اتفاق العصابة على صحة رواية هؤلاء، بالمعنى المصطلح عند القدماء اعتمادا على القرائن الخارجية،
(١٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 ... » »»
الفهرست