كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ١٥٨
بحث استطرادي وهو هل يكفي تزكية العدل الواحد؟
قد وقفت على أن كثيرا من العلماء، يعتبرون قول الرجالي من باب الشهادة، وعندئذ اختلفوا في أنه هل يكتفي في تزكية الراوي بشهادة العدل الواحد أو لا؟ على قولين: الأول; هو المشهور بين أصحابنا المتأخرين.
والثاني; هو قول جماعة من الأصوليين وهو مختار المحقق وصاحب " منتقى الجمان ".
استدل صاحب " المنتفى " للقول الثاني بأن اشتراط العدالة في الراوي، يقتضي اعتبار العلم بها، وظاهر أن تزكية الواحد لا يفيده بمجردها، والاكتفاء بالعدلين مع عدم إفادتهما العلم، إنما هو لقيامهما مقامه شرعا، فلا يقاس تزكية الواحد عليه (1).
استدل المتأخرون بوجوه. منها: أن التزكية شرط لقبول الرواية، فلا تزيد على شروطها وقد اكتفى في أصل الرواية بالواحد.
ولا يخفى أن الاستدلال أشبه شئ بالقياس، إذ من الممكن أن يكتفي في أصل الرواية بالواحد ولا يكتفي في إحراز شرطها به.
منها: أن العلم بالعدالة متعذر غالبا فلا يناط التكليف به (2).
وفيه أنه ادعاء محض مع كفاية العدلين عنه.
ولا يخفى أن استدلال صاحب " المنتقى متين لو لم يكن هناك إطلاق في حجية خبر الواحد في الموضوعات والاحكام جميعا، والظاهر وجود الاطلاق في حجية قول العادل أو حجية خبر الثقة في الموارد كلها، حكما كان أو موضوعا، من غير فرق بينهما إلا في التسمية، حيث إن الأول يسمى بالرواية

(١ ٢) منتقى الجمان ج ١ الصفحة 14 15.
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 163 165 ... » »»
الفهرست