كليات في علم الرجال - الشيخ السبحاني - الصفحة ١٥٦
ولا ملازمة بين وثاقة الراوي وكون الخبر موثوقا بالصدور، بل ربما يكون الراوي ثقة، ولكن القرائن والأمارات تشهد على عدم صدور الخبر من الإمام عليه السلام ، وأن الثقة قد التبس عليه الامر، وهذا بخلاف ما لو قلنا بأن المناط هو كون الخبر موثوق الصدور، إذ عندئذ تكون وثاقة الراوي من إحدى الامارات على كون الخبر موثوق الصدور، ولا تنحصر الحجية بخبر الثقة، بل لو لم يحرز وثاقة الراوي ودلت القرائن على صدق الخبر وصحته يجوز الاخذ به.
وهذا القول غير بعيد بالنظر إلى سيرة العقلاء، فقد جرت سيرتهم على الاخذ بالخبر الموثوق الصدور، وإن لم تحرز وثاقة المخبر، لان وثاقة المخبر طريق إلى إحراز صدق الخبر، وعلى ذلك فيجوز الاخذ بمطلق الموثوق بصدوره إذا شهدت القرائن عليه.
ويوضح هذا مفاد آية النبأ وهو لزوم التثبت والتوقف حتى يتبين الحال، فإذا تبينت وانكشف الواقع انكشافا عقلائيا بحيث يركن إليه العقلاء يجوز الركون إليه والاعتماد عليه. فلاحظ قول سبحانه: * (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * فإن ظاهره أن المناط هو تبين الحال وإن كان الراوي غير ثقة.
وعلى هذا (أي حجية الخبر الموثوق الصدور) يجوز الركون إلى توثيقات المتأخرين المتخصصين الماهرين في هذا الفن، إذا كان قولهم ورأيهم أوجب الوثوق بصدور الخبر، خصوصا إذا انضم إليها ما يستخرجه المستنبط من قرائن اخر مما يوقفه على صحة الخبر وصدوره.
الرابعة: دعوى الاجماع من قبل الأقدمين ومما تثبت به الوثاقة أو حسن حال الراوي أن يدعي أحد من الأقدمين، الاجماع على وثاقة الراوي إجماعا منقولا، فإنه لا يقصر عن توثيق مدعي الاجماع بنفسه، وعلى ذلك يمكن الاعتماد على الاجماع المنقول في حق
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست