قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٢ - الصفحة ٤٨١
ما أرى هذا الرجل وأنا أصحبه منذ حين ثم يتخطاني بحوائجه إلى بعض غلماني، فلما كان من الغد حم أبو بصير بزبالة فدعا علي بن أبي حمزة وقال: أستغفر الله مما حل في صدري من مولاي من سوء ظني، إنه قد كان علم أني ميت وأني لا ألحق الكوفة، فإذا أنا مت فافعل بي كذا وتقدم في كذا، فمات أبو بصير بزبالة " (1) فمع كونه خبرا واحدا لا يوجب قدحا مخلا بحاله، فإن الناس أعداء ما جهلوا وموسى الكليم (عليه السلام) مع عصمته ومقام نبوته الخاصة لم يستطع صبرا لترك الاعتراض في ما لم يفهم حكمته مع التقدم إليه بتركه، فكيف بنفوس غير معصومة؟!
وليس بعد المعصومين (عليهم السلام) أحد أجل من سلمان، وفي خبر الكشي: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شئ فالمقداد، فأما سلمان فإنه عرض في قلبه أن عند أمير المؤمنين (عليه السلام) اسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض.
مع أن ذيله دال على أن بمجرد عروض الحمى له فهم الحكمة في فعله (عليه السلام) واستغفر من خطور ذلك الخاطر.
وأما ما رواه الكافي " عن كليب بن معاوية قال: كان أبو بصير وأصحابه يشربون النبيذ يكسرونه بالماء، فحدثت بذلك أبا عبد الله (عليه السلام) فقال لي: وكيف صار الماء يحلل المسكر (إلى أن قال) فأمسكوا عن شربه، فاجتمعنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فقال له أبو بصير: إن ذا جاءنا عنك بكذا وكذا، فقال (عليه السلام): صدق يا أبا محمد، فلا تشربوا منه قليلا ولا كثيرا " (2) فلا دلالة فيه على ذمه كما لا يخفى.
وأما ما في ذبائح التهذيب عن شعيب العقرقوفي قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) ومعنا أبو بصير وأناس من أهل الجبل يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب، فقال (عليه السلام) لهم: قد سمعتم ما قال الله تعالى في كتابه، فقالوا: نحب أن تخبرنا، فقال: لا تأكلوها، فلما خرجنا من عنده قال أبو بصير: كلها في عنقي ما فيها، فقد سمعته وسمعت أباه جميعا يأمران بأكلها، فرجعنا إليه فقال لي أبو بصير:

(١) كشف الغمة: ٢ / ٢٤٩.
(٢) الكافي: ٦ / 411.
(٤٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 476 477 478 479 480 481 482 483 484 485 486 ... » »»
الفهرست