طريقك، إني وجدت الله تعالى نسب إلى صحبة من رضيه كافرا، وهو قوله تعالى:
ف (قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا * لكنا هو الله ربي ولا أشرك أحدا) قلت: إن ذلك صاحبا كان كافرا وأبو بكر مؤمن، قال: فإذا جاز أن ينسب إلى صحبة من رضيه كافرا جاز أن ينسب إلى صحبة نبيه مؤمنا وليس بأفضل المؤمنين ولا الثاني ولا الثالث.
قلت: إن قدر الآية عظيم، إن الله يقول: (ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا).
قال: يا إسحاق تأبى إلا أن أخرجك إلى الاستقصاء عليك أخبرني عن حزن أبي بكر أكان رضى أم سخطا؟ قلت: إن أبا بكر إنما حزن من أجل النبي خوفا عليه أن يصل إليه شئ من المكروه، قال: ليس هذا جوابي، إنما كان جوابي أن تقول:
رضى أم سخط؟ قلت: بل كان رضى لله، قال: فكان الله تعالى بعث إلينا رسولا ينهى عن رضا الله؟ قلت: أعوذ بالله، قال: أوليس قد زعمت أن حزن أبي بكر رضا لله؟ قلت: بلى، قال: أو لم تجد أن القرآن يشهد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (لا تحزن) نهيا له عن الحزن؟ قلت: أعوذ بالله.
قال: يا إسحاق مذهبي الرفق بك لعل الله يردك إلى الحق ويعدل بك عن الباطل لكثرة ما تستعيذ به، وحدثني عن قوله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه) من عنى بذلك، رسول الله أم أبو بكر؟ قلت: بل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: صدقت.
فحدثني عن قوله تعالى: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم - إلى قوله -: ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) أتعلم من المؤمنين الذين أراد الله في هذا الموضع؟ قلت: لا أدري، قال: الناس جميعا انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلا سبعة نفر من بني هاشم، علي يضرب بسيفه بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله) والعباس آخذ بلجام بغلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والخمسة محدقون به خوفا من أن يناله من جراح القوم شئ حتى أعطى الله لرسوله الظفر، فالمؤمنون في هذا الموضع علي خاصة ثم من حضره من بني هاشم، فمن أفضل؟ من كان مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك