فقال: " لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضهم بعضا " (1) فالقيام للشخص الجليل فطري البشر، لا عادة العجم.
وقالوا: قال معاوية: لو لم يكن المخزومي متكبرا لم يكن بمخزومي، ولو لم يكن الهاشمي سخيا لم يكن بهاشمي، ولو لم يكن الأموي حليما لم يكن بأموي.
قالوا: فبلغ كلامه الحسن (عليه السلام) فقال: قال ذلك من خبثه، أراد أن يسمع كلامه الهاشمي ويبذل ما عنده فيفتقر ويذل، وأن يسمعه المخزومي فيتيه فينفر الناس منه، وأن يسمع كلامه الأموي فيتحلم فيحبه الناس (2).
قلت: ووصفه لعلي الأكبر بأنه أحق الناس بأمر الخلافة (3) - حيث كانت أم أمه من بني أمية أيضا - كان عن غرض باطل، أراد أن يلبس الأمر بأن أباه ليس بأهل لها.
هذا، وفي أسد الغابة: وكان هو وأبوه من المؤلفة، وحسن إسلامهما.
قلت: حشره الله معهما.
وفيه أيضا: عن ابن عباس قال: كنت ألعب مع الصبيان، فجاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فتواريت خلف باب، فجاء فحطاني حطاة، وقال: اذهب فادع لي معاوية، فجئت فقلت: هو يأكل، ثم قال: اذهب فادع لي معاوية، فجئت فقلت: هو يأكل، فقال: " لا أشبع الله بطنه ". نقله ثم قال: أخرج مسلم هذا الحديث لمعاوية وأتبعه بقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إني اشترطت على ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضى كما يرضى البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة أن يجعلها له طهورا وزكاة وقربة يقربه بها يوم القيامة.
قلت: سبحان الله! هؤلاء مدعون للفضل، إلا أن العصبية بلغت بهم إلى درجة سلبوا بها من فطرة الإنسانية. ولقد أذكرني ما افتعلوه عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) قصة أبي العيناء والجاحظ، سأل أبا العيناء صديق له أن يأخذ من الجاحظ كتابا إلى عامل لقضاء