قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ١١٤
حاده المغلوب الداحض - حتى احتمل أوزار تلك الحروب وما اتبعها وتطوق تلك الدماء وما سفك بعدها، وسن سنن الفساد التي عليه إثمها وإثم من عمل بها إلى يوم القيامة، وأباح المحارم لمن ارتكبها، ومنع الحقوق أهلها، واغتره الإملاء واستدرجه الإمهال، والله له بالمرصاد.
ثم مما أوجب الله له به اللعنة قتله من قتل صبرا من خيار الصحابة والتابعين وأهل الفضل والديانة - مثل عمرو بن الحمق وحجر بن عدي، فيمن قتل أمثالهم - في أن يكون له العزة والملك والغلبة - ولله العزة والملك والقدرة - فالله عزوجل يقول: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).
ومما استحق به اللعنة من الله ورسوله ادعاؤه زياد بن سمية جرءة على الله، والله تعالى يقول: (أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله) والرسول يقول: " ملعون من ادعى إلى غير أبيه وانتمى إلى غير مواليه " ويقول: " الولد للفراش وللعاهر الحجر "، فخالف حكم الله عزوجل وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) جهارا وجعل الولد لغير الفراش، والعاهر لا يضره عهره، فأدخل بهذه الدعوة من محارم الله ومحارم رسوله في أم حبيبة زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي غيرها من سفور وجوه ما قد حرمه الله وأثبت بها قربى قد باعدها الله، وأباح بها ما قد حظره الله مما لم يدخل على الإسلام خلل مثله ولم ينل الدين تبديل شبهه.
ومنه إيثاره بدين الله ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد السكير الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والإخافة والتهدد والرهبة، وهو يعلم سفهه ويطلع على خبثه ورهقه ويعاين سكرانه وفجوره وكفره، فلما تمكن منه ما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه طلبه بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها وشفى بذلك عند نفسه غليله، وظن أن قد انتقم من أولياء الله وبلغ النوى
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»