قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ١٢٠
عليهما، فهما به الهموم وأرادا به العظيم فبايع وسلم لهما، لا يشركانه في أمرهما ولا يطلعانه على سرهما، حتى قبضا وانقضى أمرهما. ثم قام ثالثهما عثمان يهتدي بهديهما ويسير بسيرتهما، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي، وبطنتما له وأظهرتما عداوتكما وغلكما، حتى بلغتما منه مناكما، فخذ حذرك يا بن أبي بكر، فسترى وبال أمرك، وقس شبرك بفترك تقصر من أن تساوي من تزن الجبال حلمه، لا تلين على قصر قناته ولا يدرك ذو مدى أناته؛ أبوك مهد مهاده وبنى ملكه وشاده، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوله، وإن يك جورا فأبوك أسسه ونحن شركاؤه، وبهديه أخذنا وبفعله اقتدينا؛ ولولا ما سبقنا إليه أبوك ما خالفنا ابن أبي طالب وأسلمنا له، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك فاحتذينا بمثاله واقتدينا بفعاله؛ فعب أباك ما بدا لك، أودع (1).
وفي مقاتل أبي الفرج - في كتاب الحسن (عليه السلام) إلى معاوية -: فلما توفي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تنازعت سلطانه العرب، فقالت قريش: نحن قبيلته وأسرته وأولياؤه لا يحل لكم أن تنازعونا سلطان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في الناس وحقه، فرأت العرب أن القول كما قالت قريش وأن الحجة لهم في ذلك، فأنعمت لهم وسلمت. ثم حاججنا نحن قريشا بمثل ما حاجت به العرب، فلم تنصفنا قريش إنصاف العرب، إنهم أخذوا هذا الأمر دون العرب بالانتصاف، فلما صرنا أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وأولياؤه إلى محاجتهم باعدونا واستولوا بالاجتماع على ظلمنا ومراغمتنا والعنت منهم لنا، فالموعد الله وهو الولي النصير. وقد تعجبنا لتوثب المتوثبين علينا في حقنا وسلطان نبينا وإن كانوا ذوي فضيلة وسابقة في الإسلام، فأمسكنا عن منازعتهم مخافة على الدين أن يجد المنافقون والأحزاب بذلك مغمزا يثلمونه به، أو يكون لهم بذلك سبب لما أرادوا به من فساده؛ واليوم فليتعجب المتعجب من توثبك يا معاوية على أمر لست من أهله لا بفضل في الدين معروف ولا أثر في

(١) مروج الذهب: ٣ / ١١ - ١٣، وقعة صفين: ١١٨ - 121.
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»