قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٥٥١
هشام: " مامن حجة أقامها الله تعالى على أول خلقه إلا أقامها على وسط خلقه وآخر خلقه، فلا تبطل الحجج ولا تذهب السنن " قال بريهة: ما أشبه هذا بالحق وأقربه من الصدق، وهذه صفة الحكماء يقيمون من الحجة ما ينفون به الشبهة (إلى أن قال) فارتحل بريهة مع هشام إلى المدينة فقصدا الصادق (عليه السلام) ولقيا في الطريق الكاظم (عليه السلام) فحكى هشام له الأمر، فقال (عليه السلام) لبريهة: كيف علمك بكتابك وبتأويله؟ فقال: ما أوثقني بذلك، فابتدأ الكاظم (عليه السلام) بقراءة الإنجيل، فقال بريهة:
والمسيح! لقد كان يقرأ هكذا، وما قرأ هذه القراءة إلا المسيح، فأسلم ودخلا على الصادق (عليه السلام) فحكى هشام له (عليه السلام) الحكاية وما جرى بينه وبين الكاظم (عليه السلام) فقال (عليه السلام) " ذرية بعضها من بعض " - إلى أن قال - فلزم بريهة الصادق (عليه السلام) ثم الكاظم (عليه السلام) حتى مات، فغسله الكاظم (عليه السلام) وكفنه وألحده بيده... الخبر (1).
وبالجملة: الرجل كان من الأجلة، ولعمري! لم يك في أصحابهم (عليهم السلام) بعد عبد الله بن عباس مثله في إفحام الخصوم وإرغامهم، ومن غمز فيه إما كان حسدا فقديما أهل الفضل كانوا محسودين، ومر خبر الكشي " عن الرضا (عليه السلام): رحم الله هشاما كان عبدا ناصحا وأوذي من قبل أصحابه حسدا منهم له " وإما التبس عليه الأمر، وإن كان منزها عن الحقد والحسد كابن أبي عمير، فروى الكافي في " باب أن الأرض كلها للإمام ": أن ابن أبي عمير لم يكن يعدل بهشام شيئا، وكان لا يغب إتيانه، ثم انقطع عنه وخالفه، وكان سبب ذلك أن أبا مالك الحضرمي - وكان أحد رجال هشام - وقع بينه وبين ابن أبي عمير ملاحاة في شيء من الإمامة، قال ابن أبي عمير: الدنيا كلها للإمام (عليه السلام) على جهة الملك، وأنه أولى بها من الذين هي في أيديهم، وقال أبو مالك: أملاك الناس لهم إلا ما حكم الله به للإمام من الفيء والخمس والمغنم، فتراضيا بهشام فحكم لأبي مالك، فغضب ابن أبي عمير وهجر هشاما " (2) فإن هشاما حكم على الظاهر وفي الظاهر لم يكن لهم (عليهم السلام) إلا ما قال هشام تصديقا لأبي مالك، وإنما في الباطن كما قال ابن أبي عمير، حيث إن الإمام

(١) التوحيد: ٢٧٠ - ٢٧٥.
(٢) الكافي: ١ / 409 - 410.
(٥٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 546 547 548 549 550 551 552 553 554 555 556 ... » »»