قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٥٤٧
مصيبا في ذلك فأمير المؤمنين (عليه السلام) أولى بالصواب وإن كان مخطئا كافرا فقد أراحنا من نفسه بشهادته بالكفر عليها، والنظر في كفره وإيمانه أولى من النظر في إكفاره عليا (عليه السلام) " فاستحسن ذلك الرشيد وأمر بصلته وجائزته (1).
وروى الكافي " في باب حدوث العالم " أن الصادق (عليه السلام) قال لهشام - في الزنديق المصري الذي ناظره (عليه السلام) حتى آمن -: خذه إليك فعلمه، قال: وكان هشام معلم أهل الشام وأهل مصر الإيمان (2).
وروى في باب قوله تعالى: (لا تدركه الأبصار) عن هشام، قال: الأشياء لا تدرك إلا بأمرين: بالحواس والقلب، ثم الحواس إدراكها على ثلاثة: إدراكا بالمداخلة وإدراكا بالمماسة وإدراكا بلا مداخلة ولا مماسة، فأما الإدراك الذي بالمداخلة فالأصوات والمشام والطعوم، وأما الإدراك بالمماسة فمعرفة اللين والخشن، والحر والبرد، وأما الإدراك بلا مماسة ولا مداخلة فالبصر، فإنه يدرك الأشياء بلا مماسة ولا مداخلة في حيز غيره ولا في حيزه، وإدراك البصر له سبيل وسبب، فسبيله الهواء وسببه الضياء، فإذا كان السبيل متصلا بينه وبين المرئي والسبب قائم أدرك ما يلاقي من الألوان والأشخاص، فإذا حمل البصر على مالا سبيل له فيه رجع راجعا فحكى ما وراءه كالناظر في المرآة لا ينفذ بصره في المرآة، فإذا لم يكن له سبيل رجع راجعا يحكي ما وراءه، وكذلك الناظر في الماء الصافي يرجع راجعا فيحكي ما وراءه، إذ لا سبيل له إلى إنفاذ بصره، فأما القلب فإنما سلطانه على الهواء فهو يدرك جميع ما في الهواء ويتوهمه، فإذا حمل القلب على ما ليس في الهواء موجودا رجع راجعا فحكى ما في الهواء، فلا ينبغي للعاقل أن يحمل قلبه على ما ليس موجودا في الهواء من أمر التوحيد جل وعز، فإنه إن فعل ذلك لم يتوهم إلا ما في الهواء موجود كما قلنا في أمر البصر، تعالى الله أن يشبهه خلقه (3).

(٥٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 542 543 544 545 546 547 548 549 550 551 552 ... » »»