قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ٥٣٩
القاعد الذي تشد إليه الرحال، ويخبرنا بأخبار السماء وراثة عن أب عن جد، قال الشامي: فكيف لي أن أعلم ذلك؟ قال هشام: سله عما بدالك، قال الشامي: قطعت عذري فعلي السؤال.
فقال أبو عبد الله: يا شامي، أخبرك كيف كان سفرك؟ وكيف كان طريقك؟ كان كذا وكان كذا، فأقبل الشامي يقول: صدقت، أسلمت لله الساعة، فقال (عليه السلام): بل آمنت بالله الساعة (إلى أن قال) ثم قال (عليه السلام): يا هشام، لا تكاد تقع تلوي رجليك، إذا هممت بالأرض طرت، مثلك فليكلم الناس، فاتق الزلة، والشفاعة من ورائها إن شاء الله (1).
وروى الخصال - في باب الأربع - عن محمد بن أبي عمير قال: ما سمعت ولا استفدت من هشام بن الحكم في طول صحبتي له شيئا أحسن من هذا الكلام في عصمة الإمام، فإني سألته يوما عن الإمام أهو معصوم؟ فقال: نعم، فقلت: فما صفة العصمة فيه؟ وبأي شيء يعرف؟ فقال: إن جميع الذنوب أربعة أوجه لا خامس لها، الحرص والحسد والغضب والشهوة، وهذه منفية عنه لا يجوز أن يكون حريصا على هذه الدنيا وهي تحت خاتمه، لأنه خازن المسلمين فعلى ماذا يحرص، ولا يجوز أن يكون حسودا، لأن الإنسان يحسد من فوقه وليس فوقه أحد فكيف يحسد من هو دونه، ولا يجوز أن يغضب لشيء من أمور الدنيا إلا أن يكون غضبه لله تعالى، فإن الله تعالى قد فرض عليه إقامة الحدود وألا تأخذه في الله لومة لائم ولا رأفة في دينه حتى يقيم حدود الله تعالى، ولا يجوز له أن يتبع الشهوات ويؤثر الدنيا على الآخرة، لأنه تعالى حبب إليه الآخرة كما حبب إلينا الدنيا، فهو ينظر إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا، فهل رأيت أحدا ترك وجها حسنا لوجه قبيح، وترك طعاما طيبا لطعام مر، وثوبا لينا لثوب خشن، ونعمة دائمة باقية لنعمة زائلة فانية (2).
وفي الإكمال - صحيحا - عن محمد بن أبي عمير قال: أخبرني علي

(١) الكافي: ١ / ١٧١ - ١٧٣.
(٢) الخصال: ٢١٥.
(٥٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 534 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 ... » »»