قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ٩ - الصفحة ٥٢١
وفي تاريخ بغداد: قال أبو العيناء: كان سبب تحولي من البصرة أني رأيت غلاما ينادى عليه ثلاثين دينارا يساوي ثلاثمائة دينار، فاشتريته وكنت أبني دارا، فأعطيته عشرين دينارا لينفقها على الصناع، فأنفق عشرة واشترى بعشرة ملبوسا له; فقلت له: ما هذا؟ فقال: لا تعجل، فان أرباب المروات لا يعتبون على غلمانهم هذا. فقلت في نفسي: أنا اشتريت الأصمعي ولم أدر! قال: وأردت أن أتزوج امرأة سرا من بنت عمي، فاستكتمته فدفعت إليه دينارا لشراء حوائج وسمك هازبي، فاشترى غيره فغاظني، فقال: بقراط يذم الهازبي، فقلت: يا ابن الفاعلة لم أعلم أني اشتريت جالينوس! فضربته عشر مقارع، فأخذني وضربني سبعا وقال: يا مولاي الأدب ثلاث، ضربتك سبعا قصاصا. قال: فضربته فرميته فشججته، فذهب إلى بنت عمي وقال: الدين النصيحة، ومن غشنا فليس منا، إن مولاي قد تزوج واستكتمني، فقلت: لا بد من تعريف مولاتي الخبر، فشجني وضربني; فمنعتني بنت عمى من دخول الدار وحالت بيني وبين ما فيها، وما زالت كذلك حتى طلقت المرأة، وسمته بنت عمي الغلام الناصح، فلم يمكني أن أكلمه. فقلت: أعتق هذا وأستريح، فلما أعتقته لزمني وقال: الآن وجب حقك علي. ثم إنه أراد الحج فزودته فغاب عشرين يوما ورجع وقال: قطع الطريق ورأيت حقك. ثم أراد الغزو فجهزته، فلما غاب بعت مالي بالبصرة وخرجت عنها خوفا أن يرجع (1).
هذا، وأبو العيناء كان أعمى. وقال الحموي: كان جد أبي العيناء الأكبر لقي علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأساء المخاطبة بينه وبينه، فدعا عليه بالعمى له ولولده من بعده، فكل من عمي من ولد جد أبي العيناء فهو صحيح النسب فيهم (2).
وأما تكنيته بأبي العيناء، ففي تاريخ بغداد: سئل عنها، فقال: قلت لأبي زيد الأنصاري: كيف تصغر عينا؟ فقال: «عيينا» يا أبا العيناء، فلحقت بي منذ ذاك.
وفيه: قرأت بخط الدارقطني: مات أبو العيناء سنة 282 وكان خرج من بغداد يريد البصرة في سفينة فيها ثمانون نفسا، فغرقت فما سلم منها غيره، فلما صار إلى

(١) تاريخ بغداد: ٣ / 177.
(2) معجم الادباء: 18 / 289.
(٥٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 526 ... » »»