قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ٩ - الصفحة ٥٢٠
أن تأخذ كتابه بالعناية; فصرت إليه، فقال: سأكتب. فلما كان من الغد وجه إلي بالكتاب، فقلت لابني: وجه به إلى فلان ففيه حاجته، فقال: إن الجاحظ بعيد الغور فينبغي أن نفضه وننظر ما فيه، ففعل فإذا فيه: «كتابي إليك مع من لا أعرفه، وقد كلمني فيه من لا أوجب حقه، فإن قضيت حاجته لم أحمدك وإن رددته لم أذممك» فمضيت إليه من فوري، فقال: علمت أنك أنكرت ما في الكتاب، فقلت: أو ليس موضع نكرة؟ فقال: لا هذه علامة بيني وبين الرجل في من أعتني به، فقلت: لا إله إلا الله! ما رأيت أحدا أعلم بطبعك من هذا الرجل، أنه لما قرأ الكتاب قال: «في أم الجاحظ عشرة آلاف وأم من يسأله حاجة» فقلت: يا هذا تشتم صديقنا؟ فقال:
هذه علامة في من أشكره (1).
وقال الحموي: خاصم يوما علويا، فقال له العلوي: تخاصمني وقد امرت أن تقول: «اللهم صل على محمد وآل محمد» فقال لكني أقول: «الطيبين الطاهرين» فتخرج أنت. وقال له رجل من ولد سعيد بن مسلم: إن أبي يبغضك، فقال: يا بني لي اسوة بآل محمد (عليهم السلام) (2).
هذا، وفي خبر الكافي: كان مولى عبد الصمد عم المنصور (3)، وفي تاريخ بغداد: كان مولى المنصور. والأصح ما في الخبر. وكيف كان: فهو مولى العباسيين; ولذا لما قال له المتوكل - كما في الادباء - هل رأيت طالبيا حسن الوجه؟ قال: نعم، رأيت ببغداد منذ ثلاثين واحدا، فقال المتوكل: نجده كان مؤاجرا وكنت أنت تقود عليه، فقال: يا أمير المؤمنين أو يبلغ هذا من فراغي أدع موالي مع كثرتهم وأقود على الغرباء! فقال المتوكل للفتح: أردت أن أشتفي منهم فاشتفى لهم مني.
وقال له رجل من بني هاشم - أي العباسيين -: بلغني أنك بغاء، فقال: وما أنكرت من ذلك مع قول النبي (صلى الله عليه وآله): «مولى القوم منهم» فقال: إنك دعي فينا، فقال:
بغائي صحح نسبي فيكم.

(١) تاريخ بغداد: ٣ / ١٧٠ - ١٧٦.
(٢) معجم الادباء: ١٨ / ٢٩٥، ٢٩٨.
(٣) الكافي: ١ / 512.
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»