ومن الطبيعي عقلائيا تقديم من يكون أدعى لسكون النفس وأشد لاطمئنان القلب مع كون الآخر داخل في كلي الاطمئنان.
ومما ذكرناه يتضح الحال في كثير من الروايات المتوهم منها وقوع التعبد خارجا خصوصا في جملة من المسائل الأخلاقية التربوية كما هو الحال فيما ورد من أن المؤمن لا يعتذر أو أنه لا يمل من طلب العلم عمره كله وغيرهما من الأدلة.
فإنها ليست واردة لاثبات حقيقة تعبدية بعدم صدور الاعتذار أو عدم الملل من التعلم من المؤمن لبداهة وقوع ذلك خارجا.
وإنما تنظر إلى بيان أمور واقعية ثابتة في نفسها من قبيل ان المؤمن الواقعي لا يترقب صدور الذنب منه لشدة استحكام ملكة العدل فيه والتزامه بتعاليم الشريعة ورسومها وكذا يقال في طلب العلم وما شاكلهما من موارد.
فإنها جميعا ترجع إلى ما بيناه وأوضحناه بما لا مزيد عليه. فتأمل جيدا.
* وبهذا يتضح ان البحث الرجالي لا يرجع إلى قواعد تعبدية وأسس الزامية بقدر ما هو تحصيل الاطمئنان والقرار النفساني بصدق الراوي وبهذا يندفع ما ذكره بعض من أن قبول قول الرجاليين لا يخلو من كونه لاحد وجوه:
اما من باب الحجية المستفادة من آية النبأ وغيرها وهي لا تدل على أكثر من حجية خبر العدل أو قد يقال باختصاصها بباب الاحكام.
وأما من باب الشهادة على الوثاقة والضعف ومعه يحتاج إلى التعدد كما في غير ذلك من الموارد.
وأما من باب حجية فتوى المفتي ومعه لا بد من توفر شروط المفتي.
وأما من باب حجية الظنون الرجالية للانسداد ومعه لا حجية لغير المظنون.