ووجه الاستدلال بها جميعا كما عرفت هو التمسك بظاهر الامر في لزوم الانصياع إليهم فيما يقولون وهو تعبير آخر عن الحجية التعبدية.
وفيه أن الامر إنما يحمل على ظاهره فيما لا قرينة صارفة له عن ذلك وفي المقام نجد ان الإمام (عليه السلام) يعلل ما أمر به بعلل ارتكازية معهودة حيث عقب الامر بالطاعة بقوله.. (فإنه الثقة المأمون) مما يدل على الإحالة على أمر مركوز ولا ظهور معه في تأسيس نحو من أنحاء التعبد.
وكذا ما ورد في التوقيع الشريف حيث ذيل بجمل لا داعي لذكرها لو كان الامر على ظاهره وإنما ذكرت لبيان ان المأمون ومن تركن النفس لخبره ممن ينبغي العمل بقوله كما هي العادة والمعهود.
وفي بعض الاخبار ما يدل دلالة واضحة على ارتكازية العمل باخبار الثقات حيث ورد فيها (.. أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ عنه معالم ديني) وما دامت العلل الارتكازية فلا بد أن يكون المعلل إشاريا وارشاديا إلى ما هو المركوز وكما يقال في غير موضع مما ناظر البحث.
ولذا نجد الفقهاء يعرضون عن الكثير من الاخبار للاطمئنان بعدم صحتها أو غير ذلك مع أن في سندها من لا مطعن فيه ولا مغمز.
ان قلت إن ما ذكرتموه غير مرة من إفادة الخبر للاطمئنان والعلم العادي وكما صرح به الحر العاملي في فوائده ينافي تقديم الأورع على من هو دونه مع إفادة خبر الأخير للاطمئنان وكذا يورد على المشهور عند طرحهم لرواية رواها الثقات والاجلاء.
قلنا - ان إفادة الخبر في نفسه للاطمئنان شئ ووجود خبر وقرينة أخرى تنافيه شئ آخر فإن الاطمئنان بما هو سكون للنفس يعقل فيه التشكيك لكون السكون المذكور من الكليات ذات المراتب المشككة.