كان ابن يوم واحد لكان بمنزلة الشيخ العالم، وإن لم يكن من عند الله فلو عمر ألف سنة فهو واحد من الناس، فأقبلت العصابة عليه تعذله وتوبخه.
أقول: هذه الرواية أولا مرسلة غير قابلة للاعتماد عليها، على أنها معلومة الكذب، وذلك فإن يونس بن عبد الرحمان كان من المشاهير، فلو أنه تكلم بمثل هذا الكلام في جماعة من وجوه الشيعة وثقاتهم لشاع الخبر وذاع.
ثم إن هناك روايتين صحيحتين دلتا على انحراف يونس وسوء عقيدته.
الأولى: ما تقدم في ترجمة عبد الله بن جندب، من قول أبي الحسن عليه السلام: هو (يونس مولى آل يقطين) والله أولى بأن يعبد الله على حرف ماله، ولعبد الله بن جندب، إن عبد الله بن جندب من المخبتين.
الثانية: ما رواه الصدوق، عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال:
حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، قال: كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا عليهم السلام: جعلت فداك، أصلي خلف من يقول بالجسم، ومن يقول بقول يونس يعني ابن عبد الرحمان، فكتب عليه السلام: لا تصلوا خلفهم، ولا تعطوهم من الزكاة، وابرأوا منهم برئ الله منهم. الأمالي: المجلس (47)، الحديث 3.
وهاتان الروايتان لابد من رد علمهما إلى أهلهما، وهما لا تصلحان لمعارضة الروايات المستفيضة المتقدمة التي فيها الصحاح، مع اعتضادها بتسالم الفقهاء والأعاظم على جلالة يونس وعلو مقامه، حتى إنه عد من أصحاب الاجماع كما مر، على أنهما لو سلمنا صدورهما لا لعلة فهما لا تنافيان الوثاقة التي هي الملاك في حجية الرواية.
بقي هنا أمور:
الأول: أن الكشي قال: قال نصر بن الصباح: لم يرو يونس، عن عبيد الله ومحمد ابني الحلبي قط ولا رآهما، وماتا في حياة أي عبد الله عليه السلام (إنتهى).