فلما وصل الكتاب إلى الحسين صلوات الله عليه، كتب إليه: (أما بعد فقد بلغني كتابك، تذكر أنه قد بلغت عني أمور أنت لي عنها راغب، وأنا بغيرها عندك جدير، فإن الحسنات لا يهدي لها ولا يسدد إليها إلا الله. وأما ما ذكرت أنه انتهى إليك عني، فإنه إنما رقاه إليك الملاقون المشاؤن بالنميم، وما أريد لك حربا ولا عليك خلافا، وأيم الله إني لخائف الله في ترك ذلك، وما أظن الله راضيا بترك ذلك ولا عاذرا بدون الا عذار فيه إليك، وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشياطين، ألست القاتل حجر بن عدي أخا كندة والمصلين العابدين الذين كانوا ينكرون الظلم، ويستعظمون البدع، ولا يخافون في الله لومة لائم، ثم قتلتهم ظلما وعدوانا، من بعد ما كنت أعطيتهم الايمان المغلظة والمواثيق المؤكدة، لا تأخذهم بحدث كان بينك وبينهم ولا بأخته تجدها في نفسك؟
أو لست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله، العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه، واصفر لونه، بعد ما أمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه، ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل؟ ثم قتلته من عهود الله ومواثيقه، ما لو أعطيته طائرا لنزل إليك من رأس الجبل؟ ثم قتلته جرأة على ربك واستخفانا بذلك العهد، أو لست المدعي زياد بن سمية المولود على فراش عبيد ثقيف، فزعمت أنه ابن أبيك، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الوالد للفراش وللعاهر الحجر) فتركت سنة رسول الله صلى الله عليه وآله تعمدا، وتبعت هواك بغير هدى من الله، ثم سلطته على العراقين يقطع أيدي المسلمين وأرجلهم، ويسمل أعينهم ويصلبهم على جذوع النخل، كأنك لست من هذه الأمة وليسوا منك؟ أو لست صاحب الحضرميين الذين كتب فيهم ابن سمية أنهم كانوا على دين علي صلوات الله عليه، فكتبت إليه: (ان اقتل كل من كان على دين علي) فقتلهم ومثل بهم بأمرك، ودين علي عليه السلام والله الذي كان يضرب عليه أباك ويضربك، وبه جلست مجلسك الذي جلست.
ولولا ذلك لكان شرفك وشرف أبيك الرحلتين. وقلت فيما قلت (انظر لنفسك