بقي هنا جهات من الكلام.
الأولى: قد يناقش في عدالة الرجل بما عن كشف الغمة عن أمية بن علي القيسي، قال: دخلت أنا وحماد بن عيسى على أبي جعفر (الجواد) عليه السلام بالمدينة لنودعه، قال عليه السلام، لا تحركا اليوم وأقيما إلى غد، فلما خرجا من عنده قال لي حماد: أنا أخرج فقد خرج ثقلي، فقلت: أما أنا فأقيم، فخرج حماد، فجرى الوادي تلك الليلة فغرق فيه، وقبره بسيالة. فإن مخالفة نهي الامام تنافي العدالة.
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الرواية مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.
وثانيا: أن أمية بن علي القيسي لم تثبت وثاقته.
وثالثا: أن الامر من الإمام عليه السلام لم يعلم كونه مولويا. ومخالفة الامر الارشادي لا تضر العدالة.
الثانية: أن صريح النجاشي والشيخ المفيد أن عمر حماد بن عيسى، كان نيفا وتسعين سنة، ولكن الموجود في الكشي أنه عاش نيفا وسبعين سنة والظاهر صحة الأول، ولا يبعد التحريف في عبارة الكشي، وذلك لأجل أنه عاش بعد أبي عبد الله عليه السلام أكثر من ستين سنة، وبما أنه سمع من أبي عبد الله عليه السلام أحاديث كثيرة فلا محالة كان من الرجال المعتنى بشأنهم، فمن البعيد أنه سمع هذه الأحاديث وهو حدث السن.
الثالثة: أن صريح النجاشي أنه مات في زمان أبي جعفر عليه السلام سنة 209، أو سنة 208، وذكر الكشي والمفيد أيضا أنه مات سنة 209، ولكن المذكور في الكشي والاختصاص وفي رجال الشيخ أنه عاش إلى زمان الرضا عليه السلام، وهذا الكلام ظاهر في عدم إدراكه زمان الجواد عليه السلام، إلا أنه لا بد من حمله على خلاف ظاهره بأن يراد به أنه عاش إلى تمام زمان الرضا عليه السلام.