أعطيت القوم ما طلبوا وقطعت عليهم، وإلا فالامر عندنا معوج، والناس غير مسلمين ما في أيديهم من مالي وذاهبون به، فالامر ليس بعقلك، ولا بحيلتك يكون، ولا تفعل الذي يحيله (نحلته) بالرأي والمشورة، ولكن الامر إلى الله عز وجل، وحده لا شريك له يفعل في خلقه ما يشاء، من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له ولن تجد له (وليا) مرشدا، فقلت وأعمل في أمرهم وأحيل فيه، وكيف لك الحيلة، والله يقول: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل) إلى قوله عز وجل (وليقترفوا ما هم مقترفون) فلو تجيبهم فيما سألوا عنه استقاموا، وسلموا، وقد كان مني ما أمرتك (وأنكرت) وأنكروا من بعدي ومد لي لقائي، وما كان ذلك مني إلا رجاء الاصلاح لقول أمير المؤمنين صلوات الله عليه: (اقترفوا) اقترفوا وسلوا وسلوا، فإن العلم يفيض فيضا وجعل يمسح بطنه ويقول: " ما ملئ طعام، ولكن ملئته (ملاءه) علما. والله ما آية أنزلت في بر ولا بحر ولا سهل ولا جبل إلا أنا أعلمها وأعلم في من نزلت " وقول أبي عبد الله عليه السلام " إلى الله أشكو أهل المدينة إنما أنا فيهم كالشعرة ما انتقل (المتنقل) يريدونني أن لا أقول الحق، والله لا أزال أقول الحق حتى أموت " فلما قلت حقا أريد به حقن دمائكم، وجمع أمركم على ما كنتم عليه أن يكون سركم مكتوما عندكم غير فاش في غيركم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " سرا أسره الله إلى جبرئيل وأسره جبرئيل إلى محمد وأسره محمد صلى الله عليه وآله إلى علي عليه السلام، وأسره علي إلى من شاء " ثم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: ثم أنتم تحدثون به في الطريق فأردت حيث مضى صاحبكم أن ألف أمركم عليكم لئلا تضعوه في غير موضعه، ولا تسألوا عنه غير أهله فتكونوا في مسألتكم إياهم هلكتم، فكم دعي إلى نفسه، ولم يكن (داخلا) داخله، ثم قلتم لابد إذا كان ذلك منه يثبت على ذلك، ولا يتحول عنه إلى غيره، قلت: لأنه كان من التقية والكف أولى، وأما إذا تكلم فقد لزمه الجواب،
(١١٢)