طريقه إلى نفس الرواية، مثل ذكره طريقه إلى ما جاء نفر من اليهود. وعلى الجملة فلا شك في أن الصدوق لم يرد بالعبارة المزبورة: أنه استخرج في كتابه الروايات الموجودة في الكتب المعتبرة المعروفة لمن ذكرهم في المشيخة.
ومما يؤكد ذلك: أن الصدوق لم يرو عن بعض من ذكر طريقه إليه في المشيخة إلا رواية واحدة في كتابه: مثل المذكورين، وأيوب بن نوح، وبحر السقا، وبزيع المؤذن، وبكار بن كردم وغيرهم.
ومن البعيد جدا أن يكون لهم كتاب معروف ولم يرو الصدوق عنه إلا رواية واحدة! وعليه فلا يمكن الحكم بحسن رجل بمجرد أن للصدوق إليه طريقا.
وبما ذكرناه يظهر بطلان أمر آخر قد توهمه غير واحد ممن لم يتأملوا في عبارة الصدوق. بيان ذلك: أن جملة من طرق الصدوق ضعيفة على ما تقف عليها وعلى جهة ضعفها في ما يأتي إن شاء الله تعالى، ولكنه مع ذلك توهم بعضهم أن ضعف الطريق لا يضر بصحة الحديث، بعد ما أخبر الصدوق بأن روايات كتابه مستخرجة من كتب معتبرة معروفة معول عليها، فالكتاب إذا كان معروفا ومعولا عليه لم يضره ضعف الطريق الذي ذكره الصدوق في المشيخة تبركا، أو لأمر آخر.
وقد ظهر بطلان هذا التوهم، وإن الكتب المعروفة المعتبرة التي أخرج الصدوق روايات كتابه منها ليست هي كتب من بدأ بهم السند في الفقيه وقد ذكر جملة منهم في المشيخة، وإنما هي كتب غيرهم من الاعلام المشهورين التي منها رسالة والده إليه - طاب ثراهما -، وكتاب شيخه محمد بن الحسن بن الوليد - قدس سره -، فالروايات الموجودة في الفقيه مستخرجة من هذه الكتب. وأما أنها صحيحة أو غير صحيحة فهو أمر آخر أجنبي عن ذلك.
نعم من بدئ به السند في كتابي التهذيب والاستبصار هو صاحب كتاب يروي الشيخ ما رواه فيهما عن كتابه، على ما صرح به في آخر كتابيه إلا أن الشيخ لم يذكر أن الكتب التي استخرج روايات كتابيه منها هي كتب معتبرة معروفة.