أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٣
وابتلى بما هو أكثر ضررا وأكبر خطرا من كل ما قاساه آل يعقوب عليه السلام فما وهن ولا استكان ولا استعان إلا بالله وقد حوصر وجميع عشيرته في الشعب سنين، فكانوا في منتهى الضائقة وأوذي في نفسه وعشيرته والمؤمنين به بما لم يؤذ به نبي قبله واجلبوا عليه بما لديهم من حول وطول، فاتل ان شئت: (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليقتلوك أو يثبتوك أو يخرجوك) واقرأ (ان لا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها) وأمعن في قوله عز أسمه: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) وتدبر قوله عز سلطانه (إذ تصدعون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في اخراكم فأثابكم غما بغم) وانعم النظر في قوله عن الأحزاب (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا) وأوغل في البحث عن وقعة هوازن وحسبك منها (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) إلى كثير من مواقفه الكريمة التي خاض فيها الأهوال فكان فيها أرسى من الجبال يتلقى شدائدها برحب صدره وثبات جنانه فتنزل منه في بال واسع وخلق وادع لم يتوسل في الخروج من عسر إلى يسر إلا بالله وحده ولم يتذرع إلى شئ مامن شؤونه إلا بالصبر والتوكل على الله تعالى فأين من عزائمه في صبره وحلمه وحكمه عزائم يوسف ويعقوب؟ وإسحاق وإبراهيم وسائر النبيين والمرسلين صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين.
(٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 ... » »»