أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٠
يحيل وقوع الشك من الأنبياء عليهم السلام كافة، وهذا من الأمور المسلمة.
اما قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم ربي أرني كيف تحيي الموتى) فظاهر في أن إبراهيم " ع " انما سأل ربه عن كيفية الاحياء لا عن الاحياء نفسه، وهذا لا يتأتي الا إذا كان نفس الاحياء محققا معلوما لدى إبراهيم.
وبعبارة أوضح الاستفهام بكيف انما هو سؤال عن حال شئ موجود معلوم الوجود لدى السائل والمسؤول نحو: كيف زيد، يعنى أصحيح هو مثلا أم مريض؟ وكيف فعل زيد أي احسانا فعل مثلا أم قبيحا؟ وكيف وقعت القضية أو كيف تقع يعني أعلى ما نريد مثلا أم على خلاف ما نريد؟ وعلى هذا فقوله:
أرني كيف تحيي الموتى. انما هو طلب لان يريه كيفية ما قد علمه وتقرر لديه من أحياء الموتى.
لكن لما كان مثل هذا الطلب قد يكون ناشئا عن الشك في القدرة على الاحياء، وربما يتوهم من يبلغه هذا الطلب ممن لا يعرف مقام إبراهيم انه " ع " قد شك في القدرة أراد الله تعالى بسبب ذلك أن يرفع هذا التوهم ببيان منشأ طلبه فقال له: أولم تؤمن؟ قال: بلى، أي: أنا مؤمن بالقدرة ولكني انما طلبت ذلك ليطمئن قلبي بسبب رؤية الكيفية التي تحيي بها الموتى بعد تفرق اجزائها في مضامين القبور وأوجار الطيور وبطون السباع، ومطارح المهالك من البر والبحر، وكأن قلبه عليه السلام قد ولع برؤية الكيفية فقال: ليطمئن قلبي، أي لتبرد غلة شوقه برؤيتها.
هذا هو المراد من الآية الكريمة، ومن نسب الشك إليه صلوات الله وسلامه عليه فقد ضل ضلالا مبينا.
(ثانيها) ان الظاهر من قوله: نحن أولى بالشك من إبراهيم ثبوت الشك لرسول الله صلى الله عليه وآله ولسائر الأنبياء، وانهم جميعا أولى به من إبراهيم.
ولو فرض عدم إرادة الأنبياء جميعا فإرادة رسول الله صلى الله عليه وآله مما لابد
(٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 ... » »»