فحديث أبي هريرة هذا - بهرائه وهذره (1) - أجنبي عن كلام رسول الله صلى الله عليه وآله مباين سننه كل المباينة. ومعاذ الله ان ينسب إلى أنبياء الله ما اشتمل عليه هذا الحديث الغث التفه (2) وحاشا آدم من المعصية بارتكاب المحرم الذي يوجب غضب الله، وانما كان منهيا عن الشجرة نهي تنبيه وارشاد، وتقدس نوح من الدعاء إلا على أعداء الله تقربا إليه عز سلطانه؟ وتنزه إبراهيم عن الكذب وعن كل قول أو فعل يغضب الله عز وجل أو يخالف الحكمة ومعاذ الله أن يقتل موسى نفسا يغضب الله لقتلها وإنما يقتل من لا حرمة له عند الله تعالى ولا وزن له عند أولي الألباب، وتعالى الله عن أن يعاملهم إلا بالحسنى كما قال عز من قائل (هل جزاء الاحسان إلا الاحسان) وأنبياء الله اجل من أن يتوهموا بربهم تبارك وتعالى انه قد غضب عليهم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويمتنع على رسول الله ان يذكرهم إلا بما هم أهله.
ثم كيف يتسنى لأهل المحشر أن يشتوروا ويأتمروا؟ وهم بحيث: (تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حلمها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد)، (يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه).
وأنى لهم بالوصول إلى الأنبياء في ذلك الموقف والأنبياء يومئذ على الأعراف، وهل يصل أهل الأرض إلى السماء؟ وما الذي منعهم من التوسل توا برسول الله؟ فإنه صلى الله عليه وآله صاحب المقام المحمود والجاه العظيم والشفاعة المقبولة لا يجهله يومئذ أحد من الناس، ولو لم يرجعهم إليه آدم ولا نوح ولا إبراهيم ولا موسى؟ وهلا أراحوا أولئك المساكين بدلالتهم من أول الامر على ولي الأمر في ذلك الحشر؟! أكانوا يجهلون مقامه المحمود في اليوم الموعود