نسيت! فصل ركعتين! ثم سلم ثم كبر! فسجد الحديث، (1). وفيه كيفية سجود السهو، وأنت ترى ما فيه من الوجوه الحاكمة بامتناعه.
أحدها: ان مثل هذا السهو الفاحش لا يكون ممن فرغ للصلاة شيئا من قلبه، أو أقبل عليها بشئ من لبه، وانما يكون من الساهين عن صلاتهم، اللاهين عن مناجاتهم، وحاشا أنبياء الله من أحوال الغافلين، وتقدسوا عن أقوال الجاهلين، فان أنبياء الله عز وجل ولا سيما سيدهم وخاتمهم أفضل مما يظنون على أنه لم يبلغنا مثل هذا السهو عن أحد ولا أظن وقوعه الا ممن يمثل حال القائل:
أصلي فما أدري إذا ما ذكرتها * اثنتين صليت الضحى أم ثمانيا؟
وأما سيد النبيين. وتقلبه في الساجدين، ان مثل هذا السهو لو صدر مني لاستولى على الحياء واخذني الخجل واستخف المؤمنون بي وبعبادتي ومثل هذا لا يجوز على أنبياء الله ابدا.
الثاني ان الحديث قد اشتمل على أن النبي صلى الله عليه وآله قال لم أنس ولم تقصر فكيف يمكن أن يكون قد نسى بعد هذا؟ ولو فرضنا عدم وجوب عصمته عن مثل هذا السهو. فان عصمته عن المكابرة والتسرع بالأقوال المخالفة للواقع مما لا بد منه عند جميع المسلمين.
الثالث: ان أبا هريرة قد أضطرب في هذا الحديث، وتعارضت أقواله