أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٨٨
فتارة يقول: صلى بنا إحدى صلاتي العشى اما الظهر واما العصر - على سبيل الشك - وأخرى يقول: صلى بنا صلاة العصر - على سبيل القطع بأنها الظهر - وهذه الروايات كلها ثابتة في صحيحي البخاري ومسلم كليهما، وقد ارتبك فيها شارحو الصحيحين ارتباكا دعاهم إلى التعسف والتكلف كما تكلفوا وتعسفوا في الرد على الزهري إذ جزم بان ذا اليدين وذا الشمالين واحد لا اثنان، وقد أوضحنا ذلك في كتابنا (تحفة المحدثين).
الرابع: ان ما اشتمل هذا الحديث عليه من قيام النبي صلى الله عليه وآله عن مصلاه ووضع يده على الخشبة وخروج سرعان الناس من المسجد وقولهم أقصرت الصلاة؟. وقول ذي اليدين أنسيت أم قصرت؟. وقول النبي صلى الله عليه وآله لم أنس ولم تقصر. فقال له: قد نسيت، وقول النبي لأصحابه: أحق ما يقول قالوا:
بلى نعم وغير ذلك مما نقله أبو هريرة (1) لمما يمحو صورة الصلاة بتاتا، والمعلوم من الشريعة المقدسة يقينا بطلان الصلاة بكل ماح لصورتها فلا يمكن بعد هذا بناؤه صلى الله عليه وآله على الركعتين الأوليتين لأنه يناقض الحكم المقطوع بثبوته عنه صلى الله عليه وآله فتأمل.
الخامس: أن ذا اليدين المذكور في الحديث انما هو ذو الشمالين (2) ابن عبد عمرو حليف بني زهرة، وقد استشهد في بدر، نص على ذلك امام بني زهرة واعرف الناس بحلفائهم محمد بن مسلم الزهري كما في الاستيعاب والإصابة وشروح الصحيحين كافة وهذا هو الذي صرح به الثوري في أصح الروايتين عنه وأبو حنيفة حين تركوا العمل بهذا الحديث، وأفتوا بخلاف مفاده - كما في

(1) فان من جملة ما نقله في رواية أخرى أنه صلى الله عليه وآله دخل الحجرة ثم خرج ورجع الناس.
(2) اسمه عمير، ويقال، عمرو كذا في الإصابة.
(٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 ... » »»