أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٣
مهما كانت جهنم متسعة الا كناف، ومهما كانت متباعدة الأطراف، وأبو هريرة كيس ثقف لقف، فلا غرو ان جمع بين المتناقضات، لكن فاته تدبر قوله تعالى إذ (قال فالحق (1) والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) ولو تدبر الآية لاعتقل لسانه وانصرف يتعثر بنمرته، فإنها نص في أن امتلاءها لا يكون الا منه، أي من جنسه وهم الشياطين وممن تبعه من الناس كافة.
وعلى كل: فان هذا الحديث محال ممتنع بحكم العقل والشرع، وهل يؤمن مسلم ينزه الله تعالى بأن لله رجلا؟. وهل يصدق عاقل بأنه يضعها في جهنم لتمتلئ بها؟! وما الحكمة بذلك؟! وأي وزن لهذا الكلام البارد!؟ وبأي لسان تتحاج النار والجنة؟ وباي حواسهما أدركتا ما أدركتاه وعرفتا من دخلهما وأي فضل للمتجبرين والمتكبرين لتفخر بهم النار وهم يومئذ في أسفل سافلين؟
وكيف تظن الجنة ان الفائزين بها من سقطة الناس وهم من الذين أنعم الله عليهم بين نبي وصديق وشهيد وصالح ما أظن الجنة والنار قد بلغ بهما الجهل والحمق والخرف إلى هذه الغاية؟.
* 4 - نزول ربه كل ليلة إلى سماء الدنيا تعالى الله * أخرج الشيخان من طريق ابن شهاب عن أبي عبد الله الأغر وأبي سلمة ابن عبد الرحمان عن أبي هريرة مرفوعا قال: ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى الثلث الأخير يقول: من يدعوني فأستجب له الحديث (2).
تعالى الله عن النزول والصعود والمجئ والذهاب والحركة والانتقال

(١) فالحق مبتدأ، خبره محذوف، تقديره: فالحق قسمي أو يميني لأملأن جهنم والحق أقول اعتراض بين المقسم به والمقسم عليه معناه: لا أقول إلا الحق.
(٢) أخرجه البخاري في باب الدعاء نصف الليل ص ٦٨ من الجزء الرابع من صحيحة في كتاب الدعوات، وأخرجه أيضا في آخر ص 136 من الجزء الأول من صحيحه في باب الدعاء والصلاة من آخر الليل في كتاب الكسوف، وأخرجه مسلم في 283 من الجزء الأول من صحيحه في باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل وأخرجه أحمد بن حنبل من حديث أبي هريرة في ص 258 من الجزء الثاني من مسنده.
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»