أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٦٢
وهذا محال لا يعقل، ولا يمكن أن يتصور متصور إلا إذا اختص الله المؤمنين في الدار الآخرة ببصر آخر لا تكون فيه خواص الابصار المعهودة في الحياة الدنيا على وجه تكون فيه الرؤية البصيرة كالرؤية القلبية وهذا خروج عن محل النزاع في ظاهر الحال، ولعل النزاع بيننا وبينهم في الواقع ونفس الامر لفظي.
* 3 - لا تمتلئ النار حتى يضع الله تعالى رجله فيها * أخرج الشيخان من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أو ثرت بالمتكبرين والمتجبرين!. وقالت الجنة: مالي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطتهم قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي. وقال للنار إنما أنت عذاب أعذب بك من أشاء من عبادي. ولكل واحدة منهما ملؤها فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهناك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض الحديث (1).
إن أبا هريرة كلما أزداد مثالة زاده الله رعالة (2) رأى أن جهنم أوسع من أن تمتلئ بالعصاة وان الله عز وجل أخبر بامتلائها إذ قال (فالحق والحق أقول لأملأن جهنم) فوقف أبو هريرة أمام هذين الامرين قفة الحائر يفكر في الجمع بينهما حتى انتهى به الفكر إلى حل المشكلة بادخال رجل الله في جهنم لان رجل الله تعالى - على رأي أبي هريرة - لا بد أن تكون أفخم وأعظم من جهنم

(1) أخرجه البخاري في تفسير سورة ق ص 127 من الجزء الثالث من صحيحه وأخرجه مسلم في ص 482 من الجزء الثاني من صحيحه في باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء أخرجه من خمسة طرق عن أبي هريرة، وأخرجه أحمد من حديث أبي هريرة آخر ص 314 من الجزء الثاني من مسنده.
(2) مثل يضرب لمن كان كلما أزداد رزقا زاده الله حمقا.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»