والناس تنظر إليه مكشوف العورة كالمجنون!
وهذه الحركة لو صحت فإنما هي من فعل الله تعالى فكيف يغضب منها كليم الله فيعاقب الحجر عليها؟! وما هو إلا مقسور على الحركة وأي أثر لعقوبة الحجر؟.
ثم إن هربه بثياب موسى عليه السلام لا يبيح له ابداء عورته، وهتك نفسه بذلك وقد كان في امكانه أن يبقى في مكانه حتى يؤتي بثيابه أو بساتر غيرها كما يفعله كل ذي لب إذا ابتلى بمثل هذه القصة.
على أن هرب الحجر من المعجزات وخوارق العادات التي لا تكون الا في مقام التحدي كمقام انتقال الشجرة في مكة المعظمة لرسول الله صلى الله عليه وآله حين اقترح عليه المشركون ذلك فنقلها الله عز وجل من مكانها تصديقا لدعوته وتثبيتا لنبوته صلى الله عليه وآله ومن المعلوم أن مقام موسى عليه السلام وهو يغتسل لم يكن مقام تحد وتعجيز فلا تقع فيه المعجزات وخوارق العادات ولا سيما إذا ترتب عليها فضيحة نبي الله بابداء سوأته للملا من قومه على وجه يستخف به كل من رآه وكل من سمع بخبره هذا واما براءته من الأدرة فليست من الأمور التي يباح في سبيلها هتكه وتشهيره ولا هي من المهمات التي تصدر بسببها الآيات إذ يمكن العلم ببراءته منها بسبب اطلاع نسائه عليه، واخبارهن بحقيقة حاله.
ولو فرض ابتلاؤه بالأدرة فأي بأس عليه بذلك؟. وقد أصيب شعيب عليه السلام ببصره وأيوب عليه السلام بجسمه وأنبياء الله كافة تمرضوا وماتوا، ولا يجب انتفاء مثل هذه العوارض عن أنبياء الله ورسله، ولا سيما إذا كانت مستورة عن الناس كالأدرة، نعم لا يجوز عليهم ما يوجب نقصا في مداركهم أو في مروءتهم أو يوجب نفرة الناس عنهم واستخفافهم بهم والأدرة ليست في شئ من ذلك.
على أن القول بأن بني إسرائيل كانوا يظنون أن في موسى أدرة لم ينقل الا عن أبي هريرة.