ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله أحدا أكثر حديثا عنه مني الا ما كان من عبد الله بن عمرو (بن العاص) فإنه كان يكتب ولا اكتب اه. يعترف أن عبد الله هذا كان أكثر منه حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وآله كما ترى، وقد بحثنا عن حديث عبد الله بن عمرو فوجدناه سبعمائة مسند لا يزيد على هذا العدد شيئا (1).
فهو دون السبع من حديث أبي هريرة كما لا يخفى.
وقد أرتج على العلماء الاعلام باب الاعتذار عن أبي هريرة في هذا التهافت، لكن ابن حجر القسطلاني والشيخ زكريا الأنصاري قد اعتذرا عند انتهائهما إلى هذا الحديث في شرحيهما (2) بأن عبد الله بن عمرو بن العاص سكن مصر، وكان الواردون إليها قليلا فقلت روايته، بخلاف أبي هريرة، فإنه استوطن المدينة وهي مقصد المسلمين من كل جهة، فكثرت روايته.
وأنت تعلم أن كلام أبي هريرة بظاهره، بل بصريحه يحبط هذا الاعتذار الا تراه يقول: ما من أصحاب النبي أحد أكثر حديثا عنه مني الا ما كان من عبد الله بن عمرو، فان معناه - كما في ارشاد الساري وفي تحفة الباري كليهما - ما أحد من أصحاب النبي حديثه أكثر من حديثي الا أحاديث حصلت من عبد الله فإنها أكثر من حديثي. وإذا كان الرجل يعترف بأن الأحاديث التي حصلت من عبد الله أكثر من حديثه فأي وجه لما اعتذر به الشارحان؟.
على أن مقام عبد الله في مصر كان ادعى لكثرة روايته إذ كان له ثمة