لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان (1) وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين) فأنظر إلى قوله عز اسمه وكلا آتينا حكما وعلما تجده نصا في أنهما كانا جميعا على الصواب، وان حكم كل منهما وعلمه انما هو من لدن رب الأرباب.
لكن من رأى أبي هريرة ان أنبياء الله يجوز عليهم الحكم بمجرد الاجتهاد لذلك جوز عليهم الخطأ فيما يحكمون به كسائر المجتهدين.
(ما قدروا الله حق قدره) إذ جوزوا الاجتهاد والعمل بالظن على مهابط وحي الله، ومختلف ملائكته، وجوزوا الخطأ عليهم حتى في القضاء الشرعي والحكم عن الله عز وجل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).
ولو ثابت إليهم أحلامهم لعلموا أن العمل بالاجتهاد واستفراغ الواسع محال على الأنبياء لأنه لا يوصل غالبا إلا إلى الظن، والأنبياء لا يعولون عليه لتمكنهم من العلم بسبب الوحي، وانما يجوز ذلك لمجتهدي الأمة لأنه أقصى ما يتمكنون منه.
ولو جاز الاجتهاد على الأنبياء لجاز لغيرهم من المجتهدين أن يعارضوهم فيما يصدعون به من أحكام الله وحينئذ لا تبقى للنبوة منزلتها، ولا للنبيين الشأو لا يلحقه لاحق ولا يطمع من غيرهم فيه طامع، وهل يجرأ مؤمن من المجتهدين أن يعارض النبي وينقض حكمه صلى الله عليه وآله كلا! انه الكفر بالاجماع.
على أن القرآن العظيم والذكر الحكيم صريح بأن النبي صلى الله عليه وآله إنما يعمل بالوحي (وما ينطق عل الهوى إن هو إلا وحي يوحى) وهكذا سائر الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.