أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٧
وأذاعوا السنن، ينحدر عنهم السيل، ولا ير في إليهم الطير، فكيف يمكن والحال هذه أن يكون المأثور عن أبي هريرة وحده أضعاف المأثور عنهم جميعا أفتونا يا اولي الألباب؟!.
وليس أبو هريرة كعائشة وان أكثرت أيضا، فقد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله قبل إسلام أبي هريرة بعشر سنين (1) فكانت في مهبط الوحي والتنزيل ومختلف جبرائيل وميكائيل أربعة عشر عاما، وماتت قبل موت أبي هريرة بيسير (2).
وشتان بين الصحبتين وبين الفطنتين، اما امر الصحبتين فمعلوم، واما الفطنتان فقد كان فهم عائشة يماري سمعها. وقلبها يسبق شعرا، وعن عروة ما رأيت أحدا أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة. وعن مسروق رأيت مشيخة من أكابر الصحابة يسألونها عن الفرائض.
على انها اضطرت إلى نشر حديثها إذ بثت دعاتها في الأمصار، وقادت إلى البصرة ذلك العسكر الجرار. ومع هذا فان جميع ما روى عنها انما هو عشرة

(1) اخرج ابن عبد البر في أحوال عائشة من الاستيعاب عن ابن شهاب ان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج عائشة في شوال سنة عشر من النبوة قبل الهجرة بثلاث سنين وعرس بها في المدينة في شوال على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجرته إلى المدينة اه‍ فيكون زواجها قبل إسلام أبي هريرة بعشر سنين، إذ لا ريب في أن اسلامه انما كان سنة سبع.
(2) توفيت ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من شهر رمضان سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين قبيل وفاة أبي هريرة بيسير، وهو الذي صلى عليها بأمر الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وكان واليا على المدينة من قبل عمه معاوية أرادا كرام أبي هريرة فامر بالصلاة عليها ودفنت بالبقيع.
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»