المكانة العالية والمنزلة السامية. حيث لم يكن هناك سواه ممن تعرفهم الناس من الصحابة إلا نزر يسير، أو عابر سبيل، لذلك تبوأ مقام المرجع الوحيد في شرائع الاسلام وعلوم الكتاب والسنة. وشتان بين مقامه في مصر، ومقام أبي هريرة في المدينة، إذ كان لعبد الله في نفوس أهل مصر منزلة العالم المرشد الصدوق وعز ابن الحاكم الفاتح عنوة، أما أبو هريرة في المدينة، فقد كان كواحد من ألوف الصحابة وأبو هريرة لم يكن منهم، على أنه كان متهما عندهم وكثيرا ما كانوا ينقمون عليه اكثاره على رسول الله صلى الله عليه وآله فيقولون: ان أبا هريرة يكثر الحديث، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه (1) فمقامه في المدينة والحال هذه كان أدعى لقلة روايته. فمن الغريب أن يكون حديثه أكثر من حديث عبد الله، وخصوصا بعد اعترافه له. وبعد العلم بأن عبد الله عمر بعد أبي هريرة زمنا ليس بالقصير (2).
والحق ان أبا هريرة إنما اعترف لعبد الله في أوائل امره بعد رسول الله صلى الله عليه وآله حين لم يكن مفرطا هذا الافراط الفاحش، فإنه انما تفاقم افراطه، وطغى فيه على عهد معاوية، حيث لا أبو بكر ولا عمر ولا علي. ولا غيرهم من شيوخ الصحابة الذين كان يخشاهم أبو هريرة كما أشرنا إليه وسنوضحه في محله من هذا الاملاء إن شاء الله تعالى.