أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ٤٨
مسانيد ومائتا مسند (1) فحديثها كله أقل من نصف حديث أبي هريرة ولو ضممت حديثها وحديث أم سلمة مع بقائها إلى ما بعد وقعة الطف، وجمعت ذلك كله إلى حديث البقية من أمهات المؤمنين، وحديث سيدي شباب أهل الجنة وسيدة نساء العالمين وحديث الأربعة من خلفاء المسلمين ما كان كله إلا دون حديث أبي هريرة وحده! وهذا أمر مهول ألفت إليه أرباب العقول.
* * * على أنه كان مع ذلك يزعم أن النبي صلى الله عليه وآله أفضى إليه بأحاديث لن يميط حجابها لاحد ولا ينالها منه متسقط (2) فهي دخلة ضميره ودفينة صدره وأبو هريرة حصين الصدر: بعيد غور الضمير! كما تعلمون: ولذا قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعاءين فأما أحدهما فبثثته، واما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم (3).
وقال: لو أنبأتكم بكل ما أعلم لرماني الناس بالخزف، وقالوا: أبو هريرة مجنون.
وقال: لو حدثتكم بكل ما في جوفي لرميتموني بالبعر.
وقال: يقولون أكثرت يا أبا هريرة والذي نفسي بيده لو حدثتكم بكل

(١) فيما ضبطه ابن حزم الظاهري في ص ١٣٨ من الجزء الرابع من فصله وغير واحد من الحفظة وأهل الضبط، واما قول القائل:
حفظت أربعين الف حديث * ومن الذكر آية تنساها فليس على حقيقته وانما هو كناية عن كثرة حفظها.
(٢) يقال، تسقطه عن سره، أي أحتال له حتى أباح به.
(٣) أخرجه البخاري في باب حفظ العلم من كتاب العلم ص ٢٤ من الجزء الأول من صحيحه.
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»