وحج الحر حجته الثالثة سنة 1087 ه، وكان في هذه الحجة ماشيا من وقت الاحرام إلى أن فرغ، وحج معه جماعة مشاة نحو سبعين رجلا.
وينقل المحدث القمي من خط يد المؤلف رؤيا في هذه الحجة لا بأس بنقلها بنصها، قال:
" فرأيت ليلة في المنام أن رجلا سألني عن مشي الحسن عليه السلام والمحامل تساق بين يديه، ما وجهه مع أن فيه إتلافا للمال لغير نفع وهو إسراف؟ فأجبته في النوم بأن في ذلك حكما كثيرة: منها أن لا يكون المشي لتقليل النفقة، ومنها أن لا يظن به ذلك، ومنها بيان استحبابه، ومنها انفاق المال في سبيل الله، ومنها سد خلل عرفات بها كما روي، ومنها احتمال الاحتياج للعجز عن المشي، ومنها أن يطيب الخاطر وتطمئن النفس بذلك فلا تحصل المشقة الشديدة في المشي، وهذا مجرب يشير إليه قول علي عليه السلام: " ومن وثق بماء لم يظمأ "، ومنها الركوب في الرجوع، ومنها معونة العاجزين عن المشي، ومنها احتمال وجود قطاع الطريق والاحتياج إلى الركوب والحرب، ومنها حضور تلك الرواحل بمكة والمشاعر للتبرك، ومنها إظهار حسبه وشرفه وجلاله وفيه حكم كثيرة، ومنها إظهار وفور نعم الله عليه " وأما بنعمة ربك فحدث " إلى غير ذلك، فهذه أربعة عشر وجها في توجيه ذلك، ويحتمل كونها كلها أو أكثرها مقصودة له عليه السلام. هذا الذي بقي في خاطري مما أجبته، ولما انتبهت كتبته " (1).
وفي هذه الحجة شاهد الحر تلك المجزرة الدامية والفجيعة العظمى والفتنة الكبرى التي أثيرت على الشيعة في تلك البقعة المباركة، والتي كان من